المضللة، وكل زعيم يدعو إليها فهو زعيم بغير شعب، وإن استطاع أن يجمع الألوف تصرخ من ورائه مؤيدة وناصرة، وقد كتبت هذا مرات في قضية مصر والسودان، وفي قضية العراق، وفي قضية الهند. فكل ما جاء في كلامي عن حزب الشورى والاستقلال، فهو مبني على هذا الأصل، وأظن أن الأستاذ الوَزَّانى يعرف هذا مما قرأه من كلامي منذ قديم، وأظن أنه فهم من كلامي عنه غير الذي فهم الأستاذ العلمي، وأظن أنه لم يغضب حين قرأ ما كتبت مثل الغضب الذي احتمل الأستاذ العلمي حتى كتب ما كتب، مما كان ينبغي أن ينزه عنه قلمه البليغ الجرئ.
وأنا أختم هذه الكلمة بأن أدعو صديقي محمد بن الحسن الوَزَّانى إلى صراط الحق، إلى أن "لا مفاوضة إلا بعد الجلاء والاستقلال"، وأتوسل إليه مرة أخرى أن ينسى نفسه، وأن يملأ قلبه إيمانًا بالحق الأعظم، وهو حق شعبه وبلاده في الاستقلال والحرية والكرامة، ذلك الحق الذي لا يتجزأ ولا يقبل مفاوضة ولا مهادنة، وأدعوه إلى الجهاد الشديد في سبيل هذا الحق الذي لا تستطيع فرنسا ولا إسبانيا ولا بريطانيا ولا الدنيا كلها مجتمعة أن تمحو منه شيئًا أو تغير منه قليلا أو كثيرًا.
أيها الزعماء كونوا يدًا واحدة، ولتكن دعوتكم واحدة، واصبروا في جهادكم، ولا تفاوضوا عدوكم في حق شعوبكم، ولا تخاذلوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا فتذهب ريحكم، واعلموا أن المفاوضة ليست سوى ملل من طول الجهاد ومشقته، وأن الملل من كواذب الأخلاق، وأن الزعيم لا يكون زعيما إلا بأخلاقه، وقوام أخلاقه الصدق في كل شيء -في العداوة والصداقة، وفي الحب والبغض، وفي الرضى والغضب. سدد الله خطاكم، ومهد لكم سبيل الهدى، وطهر قلوبكم من كل كذب لا خير فيه.