بيننا حرمتنا هذه المساواة. إن هذه الدول جميعًا على اختلافها واختلاف مصالحها قد اتفقت على مصلحة واحدة هي أن تقتلنا، ثم يأتي بعد ذلك تنازعهم واقتتالهم على أسلاب هذا القتيل.
فالجامعة العربية هي التي كتب عليها منذ اليوم أن تقف حيال هذه القوي مجتمعة لتردها عن هذا الهدف اللئيم الذي تسعى إليه، فلتجمع في لسانها ضمير هذه الشعوب المستهدفة للخطر الأعظم، ولتنطق بالكلمة الواحدة التي تعبر عن هذا الضمير، وهي أن قضية العرب والشرق والإسلام قضية واحدة، قضية لا تتجزأ لأن الحرية لا تتجزأ. والجامعة العربية تعلم -أو ينبغي أن تعلم- أنها إذا نطقت بهذه الكلمة وجعلتها أصل سياستها التي لا نقبل فيها مهادنة ولا مفاوضة ولا مجادلة، انبعث من ورائها قوة أربعمائة مليون نسمة تهتف من ورائها هتافًا يهدّ الجبال الراسيات، ويشتت بأس الأمم الطاغية بسلاحها ومدمراتها وجبروتها وبغيها ويهودها أيضا. إنهم أربعمائة مليون يهتفون بلسان واحد في وقت واحد: الحرية الحرية!
إنها قضية واحدة أيتها الجامعة! إنها قضية واحدة أيتها الحكومات! إنها قضية واحدة أيها الملوك والأمراء! فأجمعوا أمركم وتنادوا جميعا في مشارق الأرض ومغاربها -من حدود الصين إلى بلاد المغرب الأقصى، ومن أطراف الشام إلى جنوب إفريقية. تنادوا بالكلمة الواحدة التي تزلزل هذه الأرض التي امتلأت جوانبها بغيًا وظلمًا وفسادًا، تنادوا بحرف واحد وبلسان واحد، وفي وقت واحد: الحرية! الحرية! {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.