فالبيت الثاني "وقد علما أن العشيرة كلها" بيان واعتذار عن كذبه في قوله: "دعانى يزيد. . . وعبس" وهما لم يدعواه باسمه هو، بل هتفا باسم عشيرتهم "بكر بن وائل" ومن أجل هذا المعنى قال البيت الأخير الذي بلغ به غاية الفخر بنفسه، وحق له. فقد كان سيدًا شريفًا شاعرًا، وكان أبوه حريث سيدًا شريفًا شاعرًا، وكذلك كان سائر أعمامه وبنى أعمامه.
وفي البيت رواية أخرى جادلت عنها كتبى في هذين اليومين، فلم أهتد إليها لطول الترك والنسيان. وهي "وقد كانا على حَزِّ منكَب". أي في ساعة نكبة شديدة. والحز والحزة اليسير من الوقت، لأنه من معنى الحز وهو القطع. يقولون:"على أي حزة أتانا فلان! " أي في أي وقت ضيق حرج أتانا! ويقولون: "جئتنا على حزة منكرة" أي في ساعة منكرة شديدة. "وكيف جئت في هذه الحزة؟ ". ويقول أبو ذؤيب، يذكر جفاف الماء في شدة الحر، وانقطاعه حين لا يطاق الصبر عنه
حتى إذا جَزَرَتْ مياه رُزُونِه، ... وبأيِّ حَزِّ مُلاوة تتقطَّعُ! ! (١)
يقول: في أي ساعة منكرة شديدة ينقطع الماء، حين لا يستطاع الصبر عنه! فهذه الرواية تؤيد تفسيرنا، وتنفي عنه تحريف التبريزى وانتحاله واختراعه واجتهاده وأرجو أن يفسح لي القارئ العذر في الإطالة، كما أفسح الناس لتخليط التبريزى والناقلين عنه.
(١) الرُّزُون: جمع رَزْن، وهي نُقْرَة في الصخر يتجمع فيها الماء.