للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السياق ليس عليها بينة، إلا أن آتيك بالدليل على بطلان ما ذهب إليه صاحبك الذي توليت الدفاع عنه. بيد أنك أسأت حين عجلت إلى شيء لم تعرف ماذا أقول فيه، وكيف أستطيع أن أتناوله بالنقد والتمحيص. ولو أنت صبرت حتى تعرف، لأتاك البيان عما أنكرت وما عرفت من أخبار صاحبك، التي وصفتها بأنها متلقفة من أطراف الكتب، لا أقول بلا تمحيص وحسب، بل أقول أيضًا بالحرص الشديد على تتبع المثالب القبيحة، وبالحرص المتلهف على اجتناب المناقب الفاضلة، وبالغلو الأرعن في سياق المثالب وفي تفسيرها، وفي تحليلها، وفي استخراج النتائج من مقدمات لا تنتجها، كما يقول أصحاب المنطق.

وأنا أحب أن أخلع معك مسوح الوعظ والإرشاد خلعا لا رجعة بعده! فتعال أيها الشيخ إلى غير واعظ ولا مرشد! تعال حدثني وأحدثك، ودعنى ودعك من: "قال الله تعالى" و"قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فإنهما في زماننا هذا -من مسوح المتدينين بلا دين! دعنا نعرف الكتب التي بين أيدينا لا نرفع بعضًا ونضع بعضًا، لأن هذه كتب تاريخ لا يوثق بها، ولأن هذه كتب أصحاب دين ووعظ وإرشاد يوثق بها! ثم ننظر بعدئذ بالعقل المجرد ماذا يكون؟ !

ودعنى أيها السيد أعيد عليك ما قلت في مقالك: "ونحن نقر أن معاوية كان حسن السيرة على عهد عمر، فولاه أعمال دمشق، ولكنه قلب المِجَنّ للتعاليم الإسلامية بعد مصرع عثمان. . . ." ولا أسألك من أين علمت أنه كان حسن السيرة على عهد عمر؟ ولكني أسألك: ألست تعلم أنه قد نشب الخلاف بينه وبين علي؟ فتقول: نعم ولابد. ثم أسألك: ألست تعلم أنه كان لهذا شيعة ولذاك شيعة؟ فتقول: نعم، ولابد. فأسألك: ألست تعلم أن كل شيعة قد غلت في صاحبها وتعصبت له؟ فتقول نعم ولابد. فأسألك: ألست تعلم أن الأمر حين انتهى إلى معاوية واجتمع عليه الناس في عام الجماعة إذ أسلم إليه الحسن أمر الخلافة -لم تزل شيعة على باقية في الناس كشيعة معاوية؟ فتقول: نعم ولابد. فأسألك: ألست تعلم أن الخلاف بين الشيعتين ظل مستعرًا مدة بقاء معاوية ومن بعده؟ فتقول: نعم ولابد. فأسألك: ألست تعلم أن الحسين بن علي قتل في