(الوشى المرقوم في حل المنظوم) إذ يقول: "أولا فَمَنْذا الذي يَغْفُل عن طرافة هذا "الخيال" الذي يتصور "قزحًا" ملقيًا بقوسه لهؤلاء الحسان. . . . إلخ".
وقد وضح الآن أن ليس في كلام الرافعي تلاعب بالألفاظ اللغوية، وأنه ليس في هذه الألفاظ ما يجعلها "تشع في الخيال صورًا طريفة"، وذلك لما ذكرنا من تخالف ألفاظها وتدافعها وبُعد صورها عن جودة التوليد، إذ كانت هذه الصور مولَّدة من اللفظ على غير نسق متصل أو طراز جميل.
ثم .. أتى الأستاذ قطب بالمثال الرابع فقال:"ويسمع العقاد صيحات الاستنكار لِلَهْوِ الشواطئ، وما تعرض من جمال، فيصيح صيحة الفنان الحي المعجب بالحيوية والجمال:
عيد الشباب، ولا كلا ... م، ولا ملام، ولا خَرف
فإذا الرافعي يقول: "إن غاية الغايات في إحسان الظن بأدب العقاد أن تقول إن في هذا البيت غلطة مطبعية، وأن صوابه:
عيد الشباب، فلا كلا ... م، ولا ملام، (بلا قرف)!
ثم يقول بعدُ إن هذا المثال يغنيه الرافعي عن الحديث فيه "فهو لم يزد على أن أورد البيت، ثم استغلق دون استيعاب ما يعبر عنه من روح الفنان الحي، الموكل بالجمال حيثما وجد، وكيفما كان، الهازئ بخرف التقاليد، وقيود العُرْف، ولم يجد ما يقوله إلا "بلا قرف" وهو قول لا تعليق لنا عليه".
ثم يعود فيقول: إن هذا يمثل هروب الرافعي "من مواجهة النقد الصحيح إلى المراوغة وكسب الموقف -في رأيه- بنكتة أو تهكم أو شتيمة".
وأنا لا أعجب لكلام الأستاذ سيد قطب، لأنه على طريقته في حل المنظوم، وإن أعجب فعجبي لصاحب "وحي الأربعين" كيف ارتضى أن يثبت البيت في قصيدته، وفي عقب هذه القطعة بالذات، وينتقل من الوصف والتأمل وإمتاع النظر، وإمداد الفكر بأسباب من الجمال، أو كما يقول الأستاذ قطب من الطرافة والدعابة والخيال والحيوية! إلى صيحة الاستنكار والتفزع بقوله: "فلا ملام