لا يُعترف به في باب الرهائن، ولست أملكُ غيره، فلا رهينةَ، أي لا قَرضَ ولا معونة. وإنه لا يملك المفتاح بعدُ إلا اللص الذي يلين له ما أُعْضِل من قُفْل غَلِق وأنا بحمد الله لم أُخْلَق على طبيعة السارق بل سُويت على هيأة المسروق، كلّ من شاء أن يأكلني أكلني؛ قد رضيتُ أن أحوطَ جوهري بالعَرَضِ المُضيَّع.
ومع ذلك فقد أعددت العدد الثالث للطَّبْع، وتصرَّفتُ في وجوه التدبير، ثم وُفّقت إلى من أرضى عنه ويرضى عني. . . . ولكن أبى خُلُق الدُّنيا معي أن يتم جميل تستودعنيه، أو معروف تربّبه عندي. فرجعت عَودي على بدئي راضيًا عن الله شاكرًا لله واثقا بالله، أستعينه وأستحفظه، وأشكره ولا أكفره.
لا أقول الله يظلمني ... كيف أشكو غير مُتَّهم
وأنا لا أزال أقول: يَصنَعُ الله، يصنَعُ الله، إن لله تدبيرًا يصرّفنا به كيف شاء إلى مواقع علمه ومنازل حكمته. وأنا مذ كنت، كنت مطية القدر حيثما وجهني استقبلتُ المضيقَ والطريقَ بنَفس مسلمةٍ وجهها لله، بأن الزّمامَ في يد الله.
فإن تسأليني، كيف أنتَ! فإنني ... صَبورٌ على رَيْب الزمانِ صَليبُ
يعزُّ علي أن تُرى بي كآبة ... فيشمتَ عادٍ أَو يُسَاءَ حَبيبُ
وعلى ذلك فأنا مُنتظِرٌ، و"العصور" إلى جانبي تنتظِر! وشكر الله لك، وجزاك خَيرًا من صديق.
* * *
(الرسالة) تألم الرسالة أشد الألم أن يُثبط هذا القلمَ البارع وهذا الفكر الرشيد مثبطات المادة، وتدعو الله مخلصة أن يلهم أهل المال معونة أهل العلم حتى لا تتخلف "العصور" عن صفها في الجهاد إلا ريثما تواتيها العدة. وعسى أن يضن القواء بهذه الثروة الأجية على الضياع فيعينوها على الصدور بإسلاف (١) الاشتراك.
(١) الإسلاف: الإقراض الذي لا منفعة فيه للمُقْرِض غير الأجر والشكر.