إن مبدئى ومبدأ أصحابى ممن أرتضى أن يشركنى في هذا العمل، هو الجهاد في سبيل القوة التي نملك بها القدرة على الاحتفاظ بهذه الحريات، والنظام الذي يسدد خطانا في العمل بقوة وحرية في إيقاظ الشعوب المستضعفة العاجزة. إن هذا المجمل الذي تنطوى تحته أسرار اليقظة، يشمل الحياة الاجتماعية العربية والإسلامية كلها: حياة الفرد من حيث أنه أصل في تكوين الجماعة وتكييفها، وحياة الجماعة من حيث أنها اشتراك بين الأفراد لتكوين شعب مثقف عال عامل، ويشمل الحياة الأدبية والعلمية والعملية، أو الحياة العقلية كلها مستغلة ومنتجة.
من وراء هذا المبدأ البسيط أهوال، أهوال النظر في كل ما يمت إليه بسبب من أشياء الحياة، وأهوال العمل على تنفيذ السياسة التي نتخذها لكل إرادة من إرادات الخير للمنفعة، وأهوال التنبه للخطأ كيف ينشأ، وكيف يصلح، وأهوال الخطر من أين يقبل علينا وكيف يتقى، وفوق ذلك قول الترفق على هون، والتلطف للنفوذ بما نريد إلى المكان الصالح لاستنبات المبادئ الصالحة والأعمال الناجحة.
فالعمل الصحفي في مجلتنا هذه ليس عملا إخباريا ولا سياسيا، ولكنه عمل اجتماعى تمتد أصوله إلى كل شيء، في الشارع وفي البيت، وفي النفس وفي العلم، وفي الأدب وفي السياسية، وفي كل ما هو ممثل للحياة التي يجب أن يصير بها الشرق العربي والإسلامي كائنًا حيًّا يعيش بنفسه ولنفسه ثم بالإنسانية وللإنسانية.
إن النظرة الأولى إلى هذا المبدأ الذي نهجناه وبينا بعض أصوله، توحي إلى الناظر غرور العمل الذي نحن مقبولون عليه؛ وأما النظرة الثانية، نظرة المتأمل الذي يرمى ببصره إلى الأعماق البعيدة ثم إلى الذرى العالية، ويستوعب ما عليه الأمم العربية المختلفة، وما تتباين فيه وما تتفق عليه، وما يجترفها من التيارات الحديثة القوية المكتسحة - سوف يرى مشقة العمل، ومشقة التوجيه السياسي لهذه المبادئ.