للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن لم يتوقع ذلك فلا كراهة.

(١٥) وتكره الصلاة فى مسجد الضرار (١)

عند الجمهور لقول الله تعالى {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} (٢) (وقال) ابن حزم: لا تجزئ الصلاة فى مسجد أحدِث مباهاة أو ضراراً


(١) مسجد الضرار هو مسجد أسسه اثنا عشر رجلا من المنافقين مضارة لأهل مسجد قباء، بنوه بأمر أبى عامر الراهب رجل ترهب وتنصر فى الجاهلية وكان له شرف فى الخارج، فلما هاجر النبى صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة واجتمع المسلمون عليه وظهر أمره، تغيظ اللعين أبو عامر وقال النبى صلى الله عليه وسلم: ما هذا الذى جئت به. قال جئت بالحنيفية دين إبراهيم قال أبو عامر: فأنا عليها. فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: إنك لست عليها. قال أبو عامر: بلى ولكنك أدخلت فيها ما ليس منها. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ما فعلت ولكن جئت بها بيضاء نقية. فقال أبو عامر: أمات الله الكاذب منا طريداً غريباً وحيداً فقال النبى صلى الله عليه وسلم: آمين، وسماه أبا عامر الفاسق، وخرج أبو عامر فاراً إلى كفار مكة فألبهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب وقدموا عام أحد، فكان من أمر المسلمين ما كان، وامتحنهم الله وكانت العاقبة للمتقين، وما زال الفاسق يخرج مع المشركين فى كل حرب يقاتلون فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم حنين، فلما انهزمت هوازن يئس الفاسق، فخرج هارباً إلى الشام يستنصر هرقل على النبى صلى الله عليه وسلم فوعده ومناه وأقام عنده وكتب إلى جماعة من قومه من أهل النفاق: أن أعدوا ما استطعتم من قوة ومن سلاح، وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يكون مرصداً له إذا قدم عليهم فبنوا مسجداً بجوار مسجد قباء وأحكموه قبل خروج النبى صلى الله عليه وسلم إلى تبوك فأتوه صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنا نبينا مسجداً لذى العلة والحاجة والليلة المطيرة، ونحب أن تصلى فيه وتدعو بالبركة، فقال: إنا على سفر ولكن إذا رجعنا إن شاء الله .. فلما رجع صلى الله عليه وسلم من تبوك ولم يبق بينه وبين المدينة إلا يوم أو بعض يوم، نزل عليه جبريل بخبر مسجد الضرار وما قصد بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المسلمين فى مسجد قباء الذى أسس من أول يوم على التقوى. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم من بنى سالم بن عوف، ومعن بن عدى وقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه، فخرجا سر يعين حتى أتيا بنى سالم بن عوف. فقال مالك لمعن: أنظرنى حتى أخرج إليك بنار من أهلى فدخل أهله وأخذ سعفاً من النخل فأشعل فيه ناراً ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرق أهله وفيهم نزل (والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً) (" " أى إعداداً " لمن حارب الله ورسوله من قبل " أى قبل بنائه " " وهو أبو عامر الفاسق " وليحلفن إن أردنا إلا " الفعلة " الحسنى " وهى الرفق بالمسلمين والتوسعة على أهل الضعف والعجز عن المسير إلى مسجد قباء " والله يشهد إنهم لكاذبون. لا تقم فيه أبداً) ومات أبو عامر الفاسق بالشام طريداً غريباً وحيداً إجابة لتأمين النبى صلى الله عليه وسلم.
(٢) التوبة آية: ١٠٨