للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجب هدم كل مسجد بنى على قبر (١).

وإنما نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجداً خوفاً من المبالغة فى تعظيمه والافتتان به وربما أدّى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية.

" ولما " احتاجت الصحابة والتابعون رضى الله عنهم إلى الزيادة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه، وفيها حجرة عائشة مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبى بكر وعمر " بنوا " على القبر حيطاناً مرتفعة


(١) ومن هذا المسجد الذى بنى على مغارة الخليل بفلسطين (قال) تقى الدين ابن تيمية (ولما كان) اتخاذ القبور مساجد وبناء المسجد عليها محرماً، ولم يكن شئ من ذلك على عهد الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولم يكن يعرف قط مسجد على قبر، وكان الخليل عليه السلام فى المغارة التى دفن فيها وهى مسدودة لا أحد يدخل إليها، ولا تشد الصحابة الرحال لا إليه ولا إلى غيره من المقابر، لأن فى الصحيحين من حديث أبى هريرة وأبى سعيد رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدى هذا، والمسجد الأقصى (يأتى رقم ٣٤٨ ص ٢٤٠) (فكان) يأتى من يأتى منهم إلى المسجد الأقصى يصلون فيه ثم يرجعون لا يأتون مغارة الخليل ولا غيرها، وكانت مغارة الخليل مسدودة حتى استولى النصارى على الشام فى أواخر المائة الرابعة، ففتحوا الباب وجعلوا ذلك المكان كنيسة. ثم إلى فتح المسلمون البلاد اتخذه بعض الناس مسجداً وأهل العلم ينكرون ذلك " والذى " يرويه بعضهم فى حديث الإسراء انه قيل للنبى صلى الله عليه وسلم: هذه طيبة أنزل فصل فنزل فصلى .. هذه مكان أبيك أنزل فصل " كذب " موضوع لم يصل النبى صلى الله عليه وسلم تلك الليلة إلا فى المسجد الأقصى خاصة كما ثبت ذلك فى الصحيح، ولا نزل إلا فيه (ولهذا) لما قدم الشام من الصحابة من لا يحصى عددهم إلا الله وقدمها عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس، وبعد فتح الشام لما صالح النصارى على الجزة وشرط عليهم الشروط المعروفة، وقدمها مرة ثالثة حتى وصل إلى سرغ " بفتح فسكون، موضع قرب تبوك " ومعه أكابر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار (فلم يذهب) أحد منهم إلى مغارة الخليل ولا غيرها من آثار الأنبياء التى بالشام لا ببيت المقدس ولا بدمشق ولا غير ذلك، مثل الآثار الثلاثة التى بجبل قابسيون فى غربيه الربوة المضافة إلى عيسى عليه السلام، وفى شرقية المقام المضاف إلى الخليل عليه السلام، وفى وسطه وأعلاه مغارة الدم المضافة إلى هابيل لما قتله قابيل. فهذه البقاع وأمثالها لم يكن السابقون الأولون يقصدونها ولا يزورونها ولا يرجعون منها بركة، فإنها محل الشرك. ولهذا توجد فيها الشياطين كثيراً، وقد رآهم غير واحد على صورة الإنس، ويقولون لهم رجال الغيب، يظنون أنهم رجال من الإنس غائبين عن الأبصار، وإنما هم جن والجن يسمون رجالا كما قال الله تعالى: " وأنه كان رجال من الإنس يعزذون برجال من الجن فزادهم رهقاً ". انظر ص ١٢١ تفسير سورة الإخلاص.