للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القرآن أيضاً أن الليلة التى يفرق فيها كل أمر حكيم، هى ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان (وظاهره) أيضاً أن المحو والإثبات فى قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} (١)? ليس المراد به محو الشقاوة والحرمان، وإقتار الرزق وإثبات ضدها، وإنما المراد المحو والإثبات فى الشرائع بالنسخ والتبديل، فإنه الذى يقتضيه سياق الكلام (٢)


(١) الرعد آية: ٣٩.
(٢) وذلك أن المعاندين من كفار قريش كانوا يعيبون على النبى صلى الله عليه وسلم أموراً ثلاثة (الأول) تزوجه وتناسله، قالوا: لو كان نبياً مرسلا لشغلته النبوة والرسالة عن التزوج والتناسل. (.الثانى) عدم إجابته ما يقترفونه عليه من الآيات وقالوا: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً (٩٠) أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً (٩١) أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتى بالله والملائكة قبيلا (٩٢) أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى فى السماء، ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه (٩٣) (الإسراء) (الثالث) نسخ بعض الأحكام كتحويل القبلة من الكعبة إلى بيت المقدس وبالعكس، ونقل عدة المتوفى عنها زوجها من عام إلى أربعة أشعر وعشر (فرد الله) عليهم الشبهة الأولى بقوله: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية (الرعد: آية ٣٨) أى فأنت مثلهم فى ذلك: تأكل كما يأكلون، وتمشى فى الأسواق كما يمشون، وتأتى الزوجات فيولد لك كما يأتون زوجاتهم فيولد لهم.
... (ورد الشبهة) الثانية بقوله " وما كان لرسول أن يأتى بآيه إلا بإذن الله " (غافر من آية: ٧٨) تعالى يفعل ما يشاء، ويأتى بما أراد. وأنت كذلك ليس فى طاقتك الإتيان بما يقترفون من الآيات، وإنما أنت منذر " قل سبحان ربى هل كنت إلا بشراً رسولا " (الإسراء عجز آية: ٩٣)
... (ورد الشبهة) الثالثة بقوله " لكل أجل كتاب " (الرعد عجز آية: ٣٨) أى لكل وقت من والوعد من (آية: ٣٨) أى لم يكن يأتى قزمه بخارق إلا بإذن الله، ليس ذلك إليه بل إلى الله الأوقات حكم تقتضيه حاجة المرسل إليهم وتستدعيه مصالحهم. وقلا الضحاك بن مزاحم " لكل أجل كتاب " أى لكل كتاب أجل يعنى لكل كتاب أنزل من السماء مدة مضروبة، ومقدار معين عند الله، فلذا " يمحوا الله ما يشاء " منها، أى ينسخ ما يشاء نسخة من الأحكام والشرائع " ويثبت " بدله ما فيه المصلحة والخير لعباده، وهم فى ذلك كالمرض يعالجون بأدوية مختلفة على حسب اختلاف أحوالهم التى تتغير بتبديل الأوقات (وعنده أم الكتاب) أى أصل القضاء والعلم الذى لا تغيير فيه ولا تبديل (فالمحو والإثبات) إنما هو فى الأحكام الشرعية الفرعية كما يقتضيه سياق الآيات، لا فى الرزق والأجل والسعادة والشقاء فإنها لا تتغير (روى حذيفة بن أسيد ان النبى صلى الله عليه وسلم قال: يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر فى الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة فيقول: يا رب؟ أشقى أم سعيد؟ فيكتبان فيقول: أى رب أذكر أم أنثى؟ فيقول الله، فيكتبان، ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ومصيبته، ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد على ما =فيها ولا ينقص. أخرجه أحمد. انظر ص ١٢٩ ج ١ - الفتح الربانى. ومسلم (ص ١٩٣ ج ١٦ نووى مسلم - القدر). (وقال) حذيفة أيضاً: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقولون: إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصورها وخلق سعها وبصرها وجلدها =