شئ واحد فى الذات والصفات فيمتنع كون بعضه أشرف من بعض لذاته فثبت أن شرفه وقدره بسبب أنه حصل فيه أمور شريفة لها قدر عظيم.
(ومن المعلوم) أن منصب الدين أعظم من مناصب الدنيا. وأعظم الأشياء وأشرفها شعباً فى الدين هو القرآن، لأنه ثبت به نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم: وبه ظهر الفرق بين الحق والباطل، كما قال تعالى فى صفته:" وَمُهيْمِناً عَليْهِ " وبه ظهرت درجات أرباب السعادات. ودركات أرباب الشقاوات. فعلى هذا لا شئ إلا والقرآن أعظُم قدراً وأعلى ذكراً وأعظم منصباً " منه ". وحيث أطبقوا أن ليلة القدر هى التى وقعت فى رمضان، علمنا أن القرآن إنما أنزل فى تلك الليلة (وهذه) أدلة ظاهرة واضحة (واحتج) الآخرون بأنها مختصة بأربع خصال:
(الأولى) فضل العبادة فيها. روى الزمخشرى أنه صلى الله عليه وسلم قلا: من صلى فى هذه الليلة مائةَ ركعة أرسل الله إليه مائة ملك: ثلاثون يبشرونه بالجنة، وثلاثون يؤمِّنُونه من عذاب النار، وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا، وعشرة يدفعون عنه مكائد الشيطان. {٤١٢}
(الثانية) نزول الرحمة. قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يرحم من أمتى فى هذه الليلة بعدد شعر أغنام بنى كلب. {٤١٣}
(الثالثة) حصول المغفرة فيها. قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يغفر لجميع المسلمين فى تلك الليلة غلا الكاهنَ والساحرَ ومُدْمن الخمر وعاقّ والديه والمصرّ على الزنا. {٤١٤}
(الرابعة) أنه تعالى أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه الليلة تمام الشفاعة فى أمته (قال) الزمخشرى: وذلك أنه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان الشفاعة فى أمته فأعطى الثلث منها. ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطى الثلثين. ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطى الجميع إلا من شرد عن