للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ب) وقت القضاء:

الأمر في الأحاديث السابقة بفعل الفائتة عند تذكرها استدل به جماعة على وجوبها على الفور، منهم أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد، وهو الراجح من مذهب مالك. فلا يجوز تأخير القضاء إلا لعذر كالسعى لتحصيل الرزق ودرس العلم الواجب عليه وجوباً عينياً والأكل والنوم. ولا يرتفع الإثم بمجرد القضاء بل لابد من التوبة، والاشتغال بالنوافل لا ينافى القضاء فوراً عند الحنفيين. لكن الأولى أن يشتغل بقضاء الفوائت ويترك النوافل إلا الرواتب وصلاة الضحى وتحية المسجد.

(وقالت) المالكية: يحرم على من عليه فوائت التنقل بغير السنة كصلاة العيد وركعتي الفجر والشفع المتصل بالوتر. فإن صلى نافلة غير هذه كالتراويح، فله ثواب الصلاة وعليه إثم تأخير القضاء.

(وقالت) الحنبلية: يحرم عليه النفل المطلق ولا ينعقد. أما النفل المقيد كالرواتب والوتر فله أن يصليه، ولكن الأولى تركه إن كثرت الفوائت إلا سنة الفجر لتأكدها.

(وقالت) الشافعية: إن فاتت الصلاة لغير عذر وجب قضاؤها فوراً إلا لضرورة كالسعى لتحصيل الرزق وضيق وقت الحاصر وتذكر الفائتة وقت خطبة الجمعة، فإنه يجب تأخيرها حتى يصلى الجمعة، وكذا لو تذكرها بعد الشروع في الحاضرة فإنه يتمها ولو اتسع الوقت. ويحرم على من لزمه القضاء فوراً الاشتغال بصلاة التطوع ولو راتبة حتى تبرأ ذمته من الفوائت.

(أما من فاتته) الصلاة لعذر كنوم أو نسيان فيلزمه القضاء على التراخي لما روى ابن المسيب عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر فسار ليلة حتى إذا أدركنا الكرى عرس وقال لبلال: اكلأ لنا الليل. فغلبت بلالا عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظاً، ففزع فقال: يا بلال، فقال: أخذ