للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقال) جماعة: العامد لا يقضى الصلاة أخذاً بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم "فإذا نسى" لأن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط، فيلزم منه أن من لم ينس لا يصلى (وهو مردود) بما تقدم وبعموم قوله صلى الله عليه وسلم: نعم فدين الله أحق أن يقضى. أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس (١). [١٧]

وبأنه قد ثبت في حق تارك الصلاة أمران:

(الأول) ثبوت الإثم عن تاركها عمداً. والإثم سوء أكان صغيراً أم كبيراً يرتفع بالتوبة. وهى لا تتحقق إلا بقضاء ما عليه. ولا نزاع في أن تارك الصلاة عمداً إذا قضاها لا يسقط عنه إثم التأخير. ولا يلزم من عدم سقوطه أنه لا فائدة في القضاء فقد سقط به الطلب الثابت بطريق الأولى من أمر الناسي والنائم بالقضاء.

(الثاني) شغل ذمة التارك بوجوب الصلاة عليه إذا دخل وقتها. وبراءة ذمته تكون إما بالأداء ولم يوجد في وقتها، وإما بالعجز ولم يتحقق فإنه قادر على أصل العبادة وإن عجز عن إدراك فضيلة الوقت لخروجه، وإما بإسقاط صاحب الحق لحقه، وهذا لم يوجد لا صراحة ولا ضمناً، إنما الذي وجد خروج الوقت وهو لا يصلح مسقطاً لما تقرر في ذمته أولاً. ولما لم توجد براءة الذمة بأي نوع من تلك الأنواع كان ما ترتب في ذمته باقياً يطلب منه أداؤه، فيجب الإتيان به لأجل براءة الذمة.

(وبما تقدم) تعلم سقوط قول الشوكاني: إن قضاء العامد لا فائدة فيه، فيكون إثباته مع عدم النص عبثاً (٢).

(قال) النووي: وشذ بعض أهل الظاهر فقال: لا يجب قضاء الفائتة بغير عذر، وزعم أنها أعظم من أن يخرج من وبال معصيتها بالقضاء. وهذا خطأ من صاحبه وجهالة (٣). وهو كلام حق يجب المصير إليه.


(١) ص ١٤٠ ج ٤ فتح البارى (من مات وعليه صوم) وص ٢٤ ج ٨ نووى مسلم (قضاء الصوم عن الميت).
(٢) ص ٣ ج ٢ نيل الأوطار (قضاء الفوائت).
(٣) ص ١٨٣ ج ٥ شرح مسلم.