للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقد) روى عن عثمان بن عفان رضى الله عنه لما خطب في أول جمعة ولى الخلافة صعد المنبر فقال: الحمد لله. فأرتج عليه، فقال: إن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالاً، وإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى قوال، وستأتيكم الخطب بعد، وأستغفر الله لي ولكم، ونزل وصلى ولم ينكر عليه أحد. قاله ابن الهمام (١). (٥٥)

فكان إجماعاً منهم على الإكتفاء بهذا القدر وأن الطول المسمى خطبة في العرف ليس بشرط، فكان الشرط مطلق الذكر. فلو اقتصر على قوله: الحمد لله، أو سبحان الله، أو لا إله إلا الله، أو نحو ذلك، أجزأ مع الكراهة التنزيهية، لمخالفته المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المواظبة على الذكر المسمى خطبة، المشتمل على التحذير وغيره، فكان هذا واجباً أو سنة لا ركناً.

(وقالت) المالكية والأوزاعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد: ركنها الذكر الطويل المشتمل على التحذير وتبشير المسمى خطبة عرفاً. واقله قدر التشهد أو ثلاث آيات، لأن التسبيحة ونحوها خطبة عرفاً ولا لغة.

(وقالت) الشافعية والحنبلية: أركانها الحمد لله، والصلاة على رسول الله، والوصية بالتقوى في كل من الخطبتين، وقراءة آية من القرآن في إحداهما، وكذا الدعاء للمؤمنين والمؤمنات بأخروى في الثانية عند الشافعية.

(قال) أبو محمد عبد الله بن قدامة: ويشترط لكل واحدة منهما الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم قال: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر (٢). [١٨٨]


(١) انظر ص ٤١٥ ج ١ فتح القدير (صلاة الجمعة)، (فأرتج عليه) أي لم يقدر على اتمام الخطبة: يقال: أرتج على القارئ بالبناء للمفعول إذا لم يقدر على القراءة.
(٢) أخرجه ابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة بلفظ: كل أمر ذي بال لا يبدا فيه بالحمد لله فهو أقطع. انظر رقم ٦٢٨٢ ص ١٣ ج ٥ فيض القدير.