للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما تبتغون من أمر الآخرة. ومن يصلح الذى بينه وبين الله من أمر السر والعلانية لا ينوى بذلك إلا وجه الله، يكن له ذكراً فى عاجل امره، وذخراً فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم. وما كان مما سوى ذلك يود له أن بينه أمداً بعيداً، وبحذركم الله نفسه، والله رءوف بالعباد. هو الذى صدق قوله وأنجز وعده لا خلف لذلك، فإنه يقول تعالى: {مَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}. واتقوا الله فى عاجل أمركم وآجله فى السر والعلانية. فإنه {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً}، {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}. وإن تقوى الله توقى مقته وتوقى عقوبته وسخطه.

وإن تقوى الله تبيض الوجه، وترضى الرب، وترفع الدرجة. فخذوا بحظكم ولا تفرطوا فى جنب الله، فقد علمكم الله كتابة، ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين دقوا وليعلم الكاذبين. فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا فى الله حق جهاده، هو اجتباكم وسماكم المسلمين " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى منحى عن بينة " ولا حول ولا قوة إلا بالله، فأكثروا ذكر الله، واعلموا لما بعد الموت، فإنه من اصلح ما بينه وبين الله يكفيه ما بينه وبين الناس، ذلك بأن الله يقضى عل الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه، الله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

(قال) ابن كثير فى البداية: هكذا أوردها ابن جرير. وفى السند إرسال (١). [٢١٠].


(١) ص ٢١٣ ج ٣ البداية والنهاية. و (فترة) بفتح فسكون: أى على انقطاع بعثهم ودروس أعلام دينهم. و (الذكرى) (الموعظة والتذكير. و ٠ نفسه) أى عقوبته. و (السخط) بفتحتين وبفتح فسكون: الغضب. و (جنب الله) أمره وحده الذى حده. و (حق الجهاد) الإخلاص فى النية والعمل. وقال ابن المبارك: هو مجاهدة النفس والهوى. (روى ٩ فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المجاهد من جاهد نفسه فى الله. اخرجه أحمد والترمذى وصححه (٢٤) انظر ص ٢٠ ج ٦ (مسند فضالة بن عبيد) وص ٢ ج ٣ تحفة الأحوذى (فضل من مات مرابطاً).