للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه يا بن الخطاب، فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة. اللهم ارزقه صدقاً وإيمانا، واذهب عنه الشؤم.

أخرجه البيهقي وفى سنده ومتنه غرابة شديدة. قاله ابن كثير (١). [٢٢٥].

(وعلى الجملة) فخطب النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة غزيرة المعاني، جمة الفوائد. وقد تقدم له خطب أخرى. وفيما ذكر نفع وغناء، ولمن اقتنع مزيد إقناع.

خطبة الصديق يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم.

لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢) ذهل الناس ذهولا عظيما، واختلط عليهم أمرهم، واضطرب حالهم، حتى إن عمر بن الخطاب - وهو الطود العظيم - اختلط وصار يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفنى المنافقين. وتهدد من قال إنه قبض. وسل سيفه وقال: من قال إن محمداً قد مات ضربت عنقه، وأقعد على، وأخرس عثمان رضى الله عنهم، وأضنى (٣) عبد الله بن أنيس. ولم يكن في الصحابة أثبت من أبى بكر الصديق رضى الله عنه، والعباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم. قالت عائشة: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بالسنح، فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله عليه وسلم، وليبعثنه الله صلى الله عليه وسلم، وليبعثه الله فليقطعن.


(١) ص ٢٣١ ج ٥ البداية والنهاية (آخر خطبة للنبى صلى الله عليه وسلم) و (خلوف) بضمتين: أى قرب تخلفى عنكم فلا احضركم لموتى. وفى رواية خفوق بضمتين أى غياب، يقال: خفق النجم يخفق خفوقاً إذا غاب. و (الغلول) مصدر غل من باب قعد، أى خان فى الغنيمة وغيرها. وكانت هذه الخطبة قبل وفاة النبى صلىالله عليه وسلم بخمس ليال يوم الخميس.
(٢) كان ذلك ضحوة يوم الإثنين الثلث عشر من ربيع الأول سنة ١١ هجرية (٨ يونيو سنة ٦٣٢ م).
(٣) أي أصابه الضنا وهو مرض يتولد من وجع القلب، ولم يزل رضى الله عنه مريضاً به حتى مات كمدا سنة ٥٤ هـ.