للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١٧) آخر خطبة له صلى الله عليه وسلم

قال الفضل بن عباس رضى الله عنهما: أتانى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك وعكاً شديداص وقد عصب راسه، فقال: خذ بيدى يا فضل، فأخذت بيده حتى قعد على المنبر، ثم قال: ناد في الناس يا فضل.

فناديت الصلاة جامعة، فاجتمعوا. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال.

(أما بعد) أيها الناس: إنه قد دنا منى خلوف من بين أظهركم، ولن تروني فى هذا المقام فيكم، وقد كنت أرى أن هذا غير مغن عنى حتى أقوم فيكم مراراً، ألا فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يقولن قائل: أخاف الشحناء من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ألا وإن الشحناء ليست من شأني ولا من خلقي.

وإن أحبكم إلىّ من أخذ منى حقاً إن كان له علىّ، أو حللنى فلقيت الله عز وجل وليس لأحد عندي مظلمة.

فقام رجل فقال: يا رسول الله لى عندك ثلاثة دراهم. فقال: أماأنا فلا أكذب قائلا ولا مستخلفه على يمين، فيم كانت لك عندى؟ قال: أما تذكر أنه مر بك سائل فامرتنى فاعطيته ثلاثة دراهم؟ قال: أعطه يا فضل.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأيها الناس من عنده من الغلول شئ فليرده. فقام رجل فقال: يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها فى سبيل الله.

قال: فلم غللتها؟ قال: كنت إليها محتاجاً. قال: خذها منه يا فضل.

ثم قال: يأيها الناس من أحسن من نفسه شيئاً فليقم أدعو الله له. فقام رجل وقال: يا رسول الله إني لمنافق، وإني لكذوب، وإني لشئوم. فقال عمر بن الخطاب: ويحك ايها الرجل لقد ترك الله لو سترت على نفسك.