للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيها الناس: أطيبوا مثواكم، وأصلحوا أموركم، واتقوا الله ربكم، ولا تلبسوا نساءكم القباطي، فإنه إن لم يشف فإنه يصف.

أيها الناس: إني لوددت أن أنجو كفافاً لا لي ولا عليّ، وإني لأرجو إن عمرت فيكم يسيراً أو كثيراً أن أعمل بالحق فيكم إن شاء الله، ألا يبقى أحد من المسلمين وإن كان في بيته إلا أتاه حقه ونصيبه من مال الله، وإن لم يعمل إليه نفسه، ولم ينصب إليه بدنه، وأصلحوا أموالكم التي رزقكم الله، ولقليل في رفق خير من كثير في عنف، والقتل حتف من الحتوف، يصيب البر والفاجر، والشهيد من احتسب نفسه.

ذكره الطبري في تاريخه (١) (٦٧).

(٢٧) خطبة أخرى جامعة للفاروق رضي الله عنه

وخطب أيضاً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

(أما بعد) فإني أوصيكم بتقوى الله الذي يبقى ويفنى ما سواه، الذي بطاعته يكرم أولياءه. وبمعصيته يضل أعداءه، فليس لهالك معذرة في فعل ضلالة حسبها هدى، ولا في ترك حق حسبه ضلالة، تعلموا القرآن تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، فإنه لم تبلغ منزلة ذي حق أن يطاع في معصية الله، واعلموا أن بين العبد وبين رزقه حجاباً، فإن صبر أتاه رزقه، وإن اقتحم هتك الحجاب ولم يدرك فوق رزقه، وإياكم وأخلاق العجم، ومجاورة الجبابرة، وأن تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن تدخلوا الحمام بغير مئزر، وإياكم والصغار أن تجعلوه في رقابكم. واعلموا أن سباب المسلم فسق، وقتاله كفر، ولا يحل لك أن تهجر أخاك فوق ثلاثة أيام،


(١) ص ٢٦ ج ٥ تاريخ الطبري (خطب عمر رضي الله عنه) و (المثوى) بفتح فسكون: المنزل. و (القباطي) - بضم أوله وتشديد آخره، أو بفتح أوله وتخفيف آخره: ثياب كتاب بيض رقاق- جمع قبطية بضم القاف نسبة إلى القبط على غير قياس. وقد تكسر. و (شف) الثوب يشف: رق فحكى ما تحته ووصفه وحدده لرقته.