للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أتى ساحراً أو كاهناً أو عرافاً (١) فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما، ومن ساءته سيئة وسرته حسنة فهو أمارة المسلم المؤمن، وشر الأمور مبتدعاتها، وإن الاقتصاد في سنة خير من الاجتهاد في بدعة، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية، عليكم بهذا القرآن فإن فيه نوراً وشفاءً، وغيره الشقاء، وقد قضيت الذي عليّ فيما ولاني الله عز وجل من أموركم، ووعظتكم نصحاً لكم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

أخرجه الحاكم وابن عساكر. (٦٨)

(٢٨) خطبة للفاروق في وصف الدنيا والتحلي بالفضائل

وخطب أيضاً فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

إنما الدنيا أمل مخترم، وأجل منتفض، وبلاغ إلى دار غيرها، وسير إلى الموت ليس فيه تعريج، فرحم الله امرأ فكر في أمره، ونصح لنفسه، وراقب ربه، واستقال ذنبه، بئس الجار الغني، يأخذك بما لا يعطيك من نفسه، فإن أبيت لم يعذرك. إياكم والبطنة فإنها مكسلة عن الصلاة، ومفسدة للجسم، ومؤدية إلى السقم، وعليكم بالقصد في قوتكم، فهو أبعد من السرف وأصح للبدن. وأقوى على العبادة وإن العبد لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه.

ذكره الشيخ حمزة في المواهب (٢). (٦٩)


(١) "الصغار" الضيم والذل، و "الكاهن" من يدعي معرفة الأسرار، ويخبر عما يكون في المستقبل، وقد كان في العرب كهنة، فمنهم من كان يزعم ان له تابعاً من الجن يلقي عليه الأخبار، ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله، وهذا يخصونه باسم العراف كالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما- نهاية ابن الأثير.
(٢) ص ٢١٣ ج ٢ - المواهب الفتحية (خطبة عمر الفاروق رضي الله عنه و (منتفض) من الانتفاض وهو ضد الإبرام (والبلاغ) مصدر بلغ الكتاب: وصل و (التعريج) الإقامة و (استقال ذنبه) أي طلب إقالته منه بالتوبة، و (لم يعذرك) من باب ضرب أي لم يقبل اعتذارك (والبطنة) بكسر فسكون: امتلاء البطن من الطعام.