للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباده، ثم وضعه من الدنيا موضعاً ينظر إليه أهل الأرض، وآتاه منها قوتاً وبلغة (١).

ثم قال: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ (٢) فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً، اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ اليَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك. خذوا صفا الدنيا، وذروا كدرها، فليس الصفو ما عاد كدراً، ولا الكدر ما عاد صفواً، دعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم.

ظهر الجفاء، وقلت العلماء، وعفت السنة، وشاعت البدعة.

لقد صحبت أقواماً ما كانت صحبتهم إلا قرة العين وجلاء الصدور. مالي اسمع حسيساً، ولا أرى أنيساً. ذهب الناس وبقى النسناس (٣). قال ابن الخطاب: رحم الله امرأ أهدى إلينا مساوينا. اعدوا الجواب فإنكم مسئولون. المؤمن من لم يأخذ دينه عن رأيه، ولكنه أخذه من قبل ربه. إن الحق قد جهد أهله، وحال بينهم وبين شهواتهم، وما يصبر عليه إلا من عرف فضله، ورجا عاقبته. فمن حمد الدنيا دم الآخرة، وليس يكره لقاء الله إلا مقيم على سخطه.


(١) البلغة، بضم فسكون: ما يبلغ به من العيش ولا يفضل.
(٢) طائرة: عمله وما قدر عليه من خير وشر فإنه يلزمه ويجزى به. وقال مجاهد: ما من مولود إلا وفى عنقهورقة مكتوبة فيها شقى أو سعيد. ذكره البغوى (١١) ص ١٥٨ ج ٥ هامش تفسير ابن كثير.
(٣) النسناس، بفتح النون وتكسر: خلق على ورة الناس وخالفوهم فى أشياء وليسوا منهم.