للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرثه لم يزك نبته، والأصول عن مغارسها تنمو، وبأولها تسمو. أقول قولي هذا واستغفر الله لى ولكم. (٩٠).

(٥٠) خطبة جامعة لواصل بن عطاء

في سنة ١٣١ هـ خطب خطبة خالية من الراء فقال:

الحمد لله القديم بلا غاية، والباقي بلا نهاية، الذي علا في دنوه، ودنا في علوه، فلا يحويه زمان، ولا يحيط به مكان، ولا يئوده حفظ ما خلق (١)، ولم يخلقه على مثال سبق، بل أنشأه ابتداعاً، وعدّ له اصطناعاً، فأحسن كل شئ خلقه، وتمم مشيئته، وأوضح حكمته، فدل على ألوهيته، فسبحانه لا معقب لحكمه، ولا دافع لقضائه، تواضع كل شئ لعظمته، وذل كل شئ لسلطانه، ووسع كل شئ علماً، لا يعزب عنه مثقال حبة وهو السميع العليم.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، إلهاً تقدست أسماؤه، وعظمت آلاؤه، وعلا عن فات كل مخلوق، وتزه عن شبيه كل مصنوع، فلا تبلغه الأوهام، ولا تحيط به العقول ولا الإفهام، يُعصى فيحلم، ويُدعى فيسمع، ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون.

وأشهد شهادة حق، وقول صدق، بإخلاص نية وصحة طوية، أن محمد ابن عبد الله عبده ورسوله، ونبيه وصفيه، ابتعثه إلى خلقه بالبينة والهدى ودين الحق، فبلغ مألكته (٢) ونصح لأمته، وجاهد في سبيل الله، لا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا يصده عنه زعم زاعم ماضياً على سنته، موفياً على قصده (٣) حتى أتاه اليقين، فصلى الله على محمد وعلى آل محمد، أفضل وأزكى


(١) لا يئوده: أي لا يثقله تدبير خلقه.
(٢) مألكة بفتح فسكون فضم اللام وتفتح: اسم للرسالة. ويقال مألك- بلا تاء.
(٣) أي مشرفاً على مقصودة وما كلف من التبليغ والإرشاد.