للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجزيل المآب. فاجتنبوا ما خوفكم الله من شديد العقاب، واليم العذاب، ووعيد الحساب، يوم توقفون بين يدي الجبار، وتعرضون فيه على النار {يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} (١) {يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه} (٢) {وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} (٣) {وَاخْشَوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرُورُ} (٤)، فإن الدنيا دار غرور وبلاء وشرور، واضمحلال وزوال، وتقلب وانتقال. قد أفنت من كان قبلكم، وهى عائدة عليكم وعلى من بعدكم. من ركن إليها رعته، ومن وثق بها خانته، ومن أملها كذبته، ومن رجاها خذلته. عزها ذل، وغناها فقر، والسعيد من تركها، والشقى فيها من آثرها، والمغبون فيها من باع حظه من دار آخرته بها.

فالله الله عباد الله، والتوبة مقبولة، والرحمة مبسوطة، وبادروا بالأعمال الزكية فى هذه الأيام الخالية قبل أن يؤخذ بالكظم (٥)، وتندموا فلا تنالون الندم، فى يوم حسرة وتأسف وكآبة وتلهف، يوم ليس كالأيام، وموقف ضنك المقام.

إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله، يقول الله تبارك وتعالى:


(١) سورة هود، الآية ١٠٥.
(٢) سورة عبس، الآيات من ٣٤ - ٣٧.
(٣) سورة البقرة، الآية ١٢٣، و (العدل) الفدية.
(٤) سورة لقمان من آية ٣٣ وصدرها: " يا أيها الناس اتقوا ربكم " و (الغرور) بفتح الغين: الشيطان.
(٥) الكظم بفتحتين: الحلق أو الفم أو مخرج النفس.