للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابلغ مواعظ المتقين، كتاب الله الزكية آياته، الواضحة بيناته، فإذا تلى عليكم فأنصتوا له واسمعوا لعلكم تفلحون. أعوذ بالله القوى من الشيطان الغوى، إن الله هو السميع العليم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}. نفعنا الله وغياكم بالكتاب الحكيم، والوحى المبين، وأعادنا وإياكم من العذاب الأليم، وأدخلنا وإياكم جنة النعيم. (٩١).

(٥١) خطبة جامعة للمهدى

خطب سنة ١٦٩ هـ فقال:

الحمد لله الذي ارتضى الحمد لنفسه، ورضى به من خلقه. أحمده على آلائه، وأمجده لبلائه، واستعينه وأومن به وأتوكل عليه توكل راض بقضائه، وصابر لبلائه، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله إلى خلقه وأمينه على وحيه. أرسله بعد انقطاع الرجاء، وطموس العلم، واقتراب من الساعة، إى أمة جاهلية مختلفة أمية، أهل عداوة وتضاغن، وفرقة وتباين. قد استهوتهم شياطينهم، وغلب عليهم قرناؤهم؛ فاستشعروا الردى (١) وسلكوا العمى، يبشر من أطاعه بالجنة وكريم ثوابها، وينذر من عصاه بالنار وأليم {عقابها لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَة (٢) وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله، فإن الاقتصار عليها سلامة، والترك لها ندامة، وأحثكم على إجلال عظمته، وتوقير كبريائه وقدرته، والإنهاء إلى ما يقرب من رحمته، وينجى من سخطه، وينال به ما لديه من كريم الثواب،


(١) (فاستشعروا) أى جعلوه كالشار وهو اللباس يلى الجسد.
(٢) ليهلك إلخ: أي إنما جمعكم الله مع عدوكم على غير معاد لينصركم عليهم، فيستمر فى الكفر من استمر فيه على بصيرة من أمره أنه مبطل لقيام الحجة عليه، ويؤمن من آمن عن حجة وبصيرة، فالهلاك الكفر والحياة الإيمان. قال تعالى: " أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشى به فى الناس " (الآية) ١٢٢ - الأنعام.