للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجلسا. قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله: هل نرى ربنا؟ قال نعم هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر؟ قلنا لا. قال كذلك لا تتمارون في رؤية ربكم عز وجل. ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله عز وجل محاضرة حتى أنه يقول للرجل منكم: ألا تذكر يا فلان يوم عملت كذا وكذا؟ يذكره بعض غدارته في الدنيا (١) فيقول يا رب أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى فبسعة مغفرتب بلغت منزلتك هذه.

فبينما هم كذلك غشيتهم سحابة من فوقهم، فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط. ثم يقول: قولوا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم قال: فنأتي سوقا قد حفت به الملائكة. فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب قال. فيحمل لنا ما اشتهينا، ليس يباع فيها شيء ولا يشتري. وفي ذلك السوق يلقي أهل الجنة بعضهم بعضا. فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة فيلقي من هو دونه- وما فيهم دنئ- فيروعه ما يرى عليه من اللباس فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل عليه ما هو أحسن منه وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها. ثم ننصرف إلى منازلنا، فتتلقانا أزواجنا فيقلن: مرحبا وأهلا لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فراقتنا عليه. فنقول: أنا جالسنا اليوم ربنا الجبار عز وجل ويحقنا أن ننقلب بمثل


(١) المراد بالسوق مكان يجتمعون فيه فقي كل مقدار أسبوع. وليس هناك أسبوع حقيقة، لفقد الشمس والنهار والليل (فيزورون الله .. الخ) هو من المتشابه المصروف عن ظاهره باتفاق السلف والخلف لقوله تعالى "ليس كمثله شيء" و (أدناهم) أي أقلهم منزلة بالنسبة إلى غيره. و (كثبان) بضم فسكون جمع كثيب. وهو ما اجتمع من الرمل كالتل. و (هل تتمارون) أي هل تشكون؟ والمراد أن المؤمنين يرون الله تعالى في الجنة رؤية لا شك فيها من غير كيفية ولا انحصار ولا مقابلة ولا يعلم حقيقتها إلا الله عز وجل (والمراد بالمحاضرة) كشف الحجاب عن أهل الجنة كلهم للرؤية بدون واسطة. وهو من المتشابه أيضا. (غدرات) بفتحات- جمع غدرة: أي يذكره بعض معاصيه في الدنيا.