للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(ويُكْرَه) عند مالك والشافعى والجمهور شُرْب لَبن الأُضْحِية بعد رى فصيلها. وتَقَدَّمَ تَفْصِيل مذهب الحنفيين فى هذا. وإِنْ نقصها الركّوب والشُّرْب فعليه قيمة النقص عند الحنفيين والشافعى، وقال مالك: لا يغرم شيئاً ولا يَحمل على الأُضْحِية مَتَاعه عند الحنفيين ومالك. وأَجازه الجمهور عند الحاجة.

وقال أَحمد: لا يُكْرَه شُرْب لبنها الفاضِل عن وَلَدِها لما تقدَّم أَنَّ عَلِيًّا رضى الله عنه قال: لا تشرب لبنها إِلاَّ فَضْلاً (١) (قال) أَبو الفرج عبد الرحمن بن قدامة: ولأَنه انتفاع لا يَضُرّ بها ولا بولدا أُشْبه الركوب. وإَنْ تَصَدَّق به كان أَفْضَل خروجاً من الخلاف. وإِن احتلب ما يضُرّ بها أَوْ بولدها لم يجُزْ له وعلي لتَّصَدُّق به. وإِنْ شَرِبَهُ ضمنه لأَنه تَعَدَّى بأَخْذِه. وهكذا الحكم فى الهدْى (فإِنْ قِيلَ) فَصُوفها وشَعرها إِذا جزَّه تَصَدَّق به ولم ينتفع به، فلم جَوَّزْتُمْ له الانتفاع باللَّبن؟ (قلنا) الفرق بينهما من وجهين:

(أَحدهما) أَنَّ لبنها يتولَّد من غذائِهَا وعَلَفِهَا وهو القائم به فجاز صرفه إِليه، كما أَنَّ المرتهن إِذا علف الرَّهن كان له أَن يركَب ويحلب وليس له أَنْ يَأْخُذ الصُّوف ولا الشَّعْر. (الثانى) أَنَّ الصُّوف والشَّعْر ينتفع به على الدوام فجرى مجْرَى جِلْدِها وأَجزائِهَا. واللَّبن يُشْرب ويؤخَذ شيئاً فشيئاً فجَرَى مجْرَى جِلْدِها وأَجزائِهَا. واللَّبن يَشرْب ويؤخَذ شيئاً فشيئاً فجَرَى مجرَى منافعها وركُكوبها، ولأَنَّ اللَّبن يتجدَّد كل يوم. والصُّوف والشَّعْر عين موجودة دائمة فى جميع الحوْل (٢).

(ويُكْرهُ) ذبح الكتابى لها بلآ أَمْر من المضَحّى، لأَنه ليس من أَهل القربة، أَمَّا لو ذَبَح بأَمره فلآ يُكْرَه، لأَنَّ القربة أُقيمت بالإِنابة والأَمر،


(١) تقدم بأثر ٩ ص ٤٠ (ولد الأضحية).
(٢) ص ٥٦٦ ج ٣ الشرح الكبير (ولا يشرب منم لبنها إلا الفاضل عن ولدها).