للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= دون الكعبة، فسمع بذلك مالك بن كنانة فخرج ليلا ودخلها فقعد فيها ولطخ بالعذرة قبلتها، فبلغ ذلك أبرهة، وقيل له: إنما صنع هذا بعض قريش غضباً لبيتهم، فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة وليهدمنها حجراً حجراً، وسار فى جيش عرمرم، واستصحب معه فيلا عظيما يقال له محمود، ومعه اثنا عشر فيلا غيره، فلما سمعت العرب بمسيرة أعظمووا ذلك ورأوا جهاده حقاً عليهم، فخرج إليه ملك من ملوك اليمن يقال له: ذو نفر، بمن أطاعهمنالعرب وقاتلوا أبرهة، فهزمهم وأسر ذا نفر فأخذه معه، ثم سار حتى إذا كان بأرض خثعم، خرج إليهم نفيل بن حبيب الخثعمى فى قومه فقاتوه، فهزمهم أبرهة وأسر نفيلا واستصحبه معه. ولما مر بالظائف خرج إليه أهلها وصانعوه فأكرمهم وبعثوا معه أبا رغال دليلا. فلما وصل الغمس " كمحمد ومحدث " موضوع قرب مكة مات أبو رغال، وبعث أبرهة جيشه فأغار على إبل أهل مكة، وكان فيها مائتا بعير لعبد المطلب. وبعث أبرهة حناطة الحميرى إلى مكة، وأمره أن يأتيه بأشرف قريش، وأن يخبرهم أنه لم يجئ لقتالهم إلا إن صدوه عن البيت، فجاء حناطة إلى عبد المطلب بن هاشم وأخبره بما قال أبرهة. فقال عبد المطلب: والله ما نريد حربه ومالنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله وبيت خليله إبراهيم، فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخل بيته وبيته فما عندنا دافع عنه. فقال له حناطة: توجه معى إلى أبرهة. فذهب معه، فلما رآه أبرهة أجله ونزل عن سريره وجلس معه وقال لترجمانه: سله عن حاجته. فقال: حاجتى أن يرد إلى الملك إبلى .. فقال أبرهة: تكلمنى فى مائتى بعير لك وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك - قد جئت لهدمه - لا تكلمنى فيه. فقال عبد المطلب: أنا رب الإبل، وإن للبيت رباً سيمنعه. قال: ما كان ليمتنع منى. قال: أنت وذاك. فرد أبرهة: تكلمنى فى مائتى بعير لك وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك - قد جئت لهدمه - لا تكلمنى فيه. فقال عبد المطلب: أنا رب الإبل، وإن للبيت رباً سيمنعه. قال: ما كان ليمتنع منى. قال: أنت وذاك. فرد أبرهة لعبد المطلب إبلة، فرجع إلى قريش وأمرهم بالخروج من مكة والتحصن فر رءوس الجبال، ثم أخذ عبد المطلب بحلقه باب الكعبة فقال:
لا هم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك
انصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم أبداً محالك
قصدوا حماك بكيدهم جهلوا وما رقبوا جلالك
إن كنت تاركهم وكعبتنا فأمر ما بدا لك
ثم خرجوا إلى رءوس الجبال، وتهيأ أبرهة لدخول مكة. فلما وجهوا الفيل نحوها برك، وضربوه ليقوم فأبى، فوجهوه راجعاً إلى اليمن، فقام يهرول. ووجهوه إلى الغرب ففعل مثل ذلك. ووجهوه إلى الشرق ففعل مثل ذلك. ووجهوه إلى مكة فبرك. وأرسل الله عليهم طيراً أبابيل، أى جماعات بعضها إثر بعض، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار من سجيل (أى طين محرق) حجر فى منقاره، وحجران فى رجليه لا يصيب الحجر أحداً منهم إلاهلك، وحرجوا هاربين يبتدرون الطريق ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق، ونفيل على رأس الجبل مع قريش ينظرون ما أنزل الله بأصحاب الفيل، وجعل نفيل يقول:
أين المفر والإله الطالب ... والأشرم المغلوب ليس الغالب =