للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قطعت دَجْلَة وانتشَرَتْ فى بلادِهم. فلا أَصْبَحَ كِسْرَى أَفْزَعَهُ ذلك. ثم بَعثَ إِلى مَرازِبَتِهِ، فَلَمَّا اجتمعوا عنده قال: أَتَدْرُونَ فِيمَ بَعَثْثُ إِليكُم؟ قالوا: ل، إِلاَّ أَن يُخبر الملك، فبَيءنَمَا هُمْ كذلك إِذْ وَرَدَ عليهم كِتَابَ خُمُودِ النِّيرَان، فازداد غَمًّا إِلى غَمِّه، ثم أَخبرهم بما رأَى وما هَالَهُ فقال الموبَذَانِ: أَىّ شَئ يكُون هذا ياموبَذَان؟ قال: حَدَثٌ يكُون فى ناحيةِ العرب. ذكره الحافظ الخرائطىّ فى كتاب هَواتِف الجان، وتمامه فى البداية والنهاية (١).

(ومن ذلك) تَنْكِيسُ الأَصْنَام فى آفاقِ الأَرض، وكَثْرَة رَمْى الشياطين - الذين يَأْتُون الكَهَنة (٢) بأَخبار السَّماء - بالشُّهُب.


(١) ص ٢٦٨ ج ٢ البداية (ارتجاس الإيوان). و (ارتجس) اضطرب، و (الشرفة) كغرفة: أعلى القصر. وفى (سقطت منه أربع عشرة شرفة) إشارة إلى عدد من ملك الروم بعد ذلك إلى أن زال ملكهم فى خلفة عمر. و (ساوة) مدينة بين الرى وهمدان. أضيفت البحيرة إليها لقربها منها. وكانت بحيرة واسعة بعراق العجم، كانت تسير فيها السفن، فأصبحت ليلة مولده صلى الله عليه وسلم يابسة كأن لم يكن بها ماء. و (الموبذان) بضم الميم وفتح الباء: فقيه الفرس وحاكم المجوس. و (الخيل العراب) بكسر العين خلاف البراذين. والبرذون التركى من الخيل. و (أفزعه ذلك) أى ارتجاس الإيوان وسقوط الشرفات. و (المرازبة) جمع مرزبان بفتح فسكون فضم وهو الرئيس، والمرزبة كمرحلة، رياسة الفرس.
(٢) جمع كاهن وهو من يدعى معرفة الشئ ويخبر به قبل وقوعه أو يخبر عن طالع أحد بسعد أو نحس. وقد كانت الكهنة فى العرب ثلاثة أصناف:
(الأول) من يكون له ولى من الجن يخبره بما يسترقه من السمع، وقد منعوا من ذلك من وقت بعثه النبى صلى الله عليه وسلم.
(الثانى) من يكون له ولى من الجن يخبره بما يقع فى أقطار الأرض، وهم يصدقون فى ذلك ويكذبون. وقد ورد النهى عن تصديقهم (ففى) الحديث: من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. أخرجه أحمد والحاكم عن أبى هريرة بسند صحيح [٧٧] أنظر رقم ٨٢٨٥ ص ٢٣ ج ٦ فيض القدير.
(الثالث) المنجمون، ومنهم العراف وهم الذين يدعون معرفة الأمور بأسباب ومقدمات يعرفونها، وقد كذبهم الشارع.