للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ومن ذلك) ما قاله أَبو الحكم التنّوخى: كان المولود إِذّا وُلِدَ فى قُرَيْش دَفَعُوهُ إِلى نِسْوَةٍ منهم يكْفَأْنَ عليه بُرْمةً إِلى الصُّبْح. فَلَمَّا وُلِدَ رَسُلُ الله صلى الله عليه وسلم دفعه عبد المطلب إِلى نِسْوَةً فكَفَأْنَ عليه بُرْمَة، فلَمَّا أَصْبَحْنَ وَجَدْنَ البرمة قد انْفَلَقَتْ باثْنَتَيْن، وَوَجَدْنَهُ مفتوحَ العينَيْن شاخِصاً ببصَرِه إِلى السَّماءِ، فأَتَاهُنَّ عبد المطلب، فَقُلْنَ هـ: ما رَأَيْنَا مَوْلُوداً مثله، وَجَدْنَاهُ قد انفلقَتْ عنه البرمة، ووجَدْنَاهُ مفتوحة عَيْنَاه شاخِصاً ببصَرِه إِلى السَّماءِ. فقال: احفْظْنَهُ فإِنى أَرْجُو أَن يكُونَ له شَأْنٌ أَوْ أَنْ يُصِيبَ خَيْراً. أَخرجه البيقى (١) {١٧}.

(وفى اليوم) السَّابع من ولادَتِه صلى الله عليه وسلم، ذَبَحَ عنه جَدّه عبد المطلب، ودَعَا قُرَيْشاً، فلَمَّا أَكَلُوا، قالوا: يا عبد المطلب، أَرَأَيْتَ ابنك الذى أَكْرَمْتَنَا على وَجْهه ما سَمَّيْتَهُ؟ قال: سَمَّيْتُهُ مُحَمَّداً. قالوا: فما رغِبْتَ به عن أَسماءِ أَهْل بيته؟ قال: أَردتُ أَنْ يحمده اللهُ فى السَّماءِ، وخلقُه فى الأَرْض (٢)، فقد أَلْهَمَ الله جدّه فسَمَّاه مُحَمَّداً لما فيه من الصِّفَاتِ الحميدةِ والخِصَالِ الجليلة، ليتطابقَ الاسم والمسَمَّى فى الصُّورة والمعنَى، كما قال عمه أَبو طالب، ويُرْوَى لحسَّان:

وشَقَّ له من اسمه لِيُجِلَّه ... فَذُو العرش محمودٌ وهذا مُحَمَّد


(١) ص ٢٦٥ و ٢٦٦ ج ٢ البداية (صفة مولده صلى الله عليه وسلم).
(٢) وروى ابن إسحاق: أن آمنة أتاها حين حملت به صلى الله عليه وسلم من قال لها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع إلى الأرض فقولى: أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد. ثم سميه محمداً (وقال) أبو الربيع بن سالم: ويروى أن عبد المطلب إنما سماه محمداً لرؤيا رآها، زعموا أنه رأى فى منامه كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهره لها طرف فى السماء، وطرف فى الأرض، وطرف فى المشرق، وطرف فى المغرب، ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها نور، وإذا أهل المشرق والمغرب يتعلقون بها. فقصها فعبرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب، ويحمده أهل السماء والأرض، فلذلك سماه محمداً. ذكره ابن سيد الناس. انظر ص ٣٠ ج ١ عيون الأثر (تسميته صلى الله عليه سلم).