للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا. والاحتفالُ بالموالد أَمْر محدث، أَحْدَثَهُ الفاطِمِيُّون فى القرن الرابع، فابْتَدَعُوا سِتَّة موالد: المولد النبوىّ، ومولد سيدنا علىّ، ومولد السَّيدَة فاطِمة الزهراء، ومولد الحسَن والْحُسَيْن رضِىَ الله عنهم، ومولد الخليفة الحاضر.

(كانوا) فى تلك الموالد يأْدِبُونَ المآدِب الجامِعَة لكُلِّ الطبقات، فتُقَدَّم الموائدِ مُزَخْرَفة بالذهب والفِضَّة وأَلون الصِّباغ، عليها من الأَطعمة الفاخِرة وأَنواع الْحلْوَى اللذيذة مالا يكاد يُصَدِّقه العقل كَثْرَةً وتنوُّعاً. وكانوا يرتَكِبُونف هذه الموالد من المفاسِد والمنكَرَات ما لا يقبله عَقْل، ولا يَرْضَى به ذُو لُبّ.

(وأَول) مَنْ أَحْدَثَ المولد النبوىّ - بمدينة إِربل (١) فى القرن السابع - الملك المظفَّر أَبو سعيد، أَلف له الحافظ بن دحْيَة تَأْليفاً أَسْماهُ (التنوير. فى مَوْلد البَشِير النَّذِير) فأَجازه الملك المظفر بأَلْف دِينار، وصَارُوا يحتفلُون المولد فى ربيع الأَول بإِطعام الطَّعام وتوزيع الصَّدَقات وقراءَةِ قِصَّة المولْد.

(وهذا) الذى قال فيه الإِمام أَبو شامة فى الباعث: ومِنْ أَحْسَن ما ابْتَدَعَ فى زماننا، ما كان يُفْعَلُ بمدينة إِربل كُلّ عام فى اليوم الموافق ليوم مَوْلد النبىِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّدَقات والمعرف، وإِظهار الزِّينة والسُرُور، فإِنَّ ذلك مع ما فيه من الإحْسَانِ إِلى الفقراءِ، مُسْعِرٌ بمحَبَّةِ النبىِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتعظيمه وجلالَتِه فى قلب فاعِله، وشُكْر الله تعالى على ما مَنَّ به مِنْ إيجاد رَسُوله الذى أَرسله رَحْمَةً للعالمين، صلى الله عليه وسلم وعلى جميع المرسَلِين.


(١) إربل، بكسر فسكون فكسر: قلعة حصينة ومدينة كبيرة من أعمال الموصل بينهما مسيرة يومين.