للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولكن) قَدْ تَقَدَّم فى بحث " بِدَع المساجد " أَنَّ اتخاذَ مَوْسِم غير المواسم الشرعية كلَيْلَةِ المولد مِنَ الْبِدَع التى لم يَسْتَحْسِنُها السَّلَف ولم يفعلوها، ومع ذلك فقَدْ خَلَفَ من بَعْدِهم خَلْفٌ اتبعوا الشَّهَوَات، وحَسَّن لهم اللَّعِين إِرْتِكَابَ الْبِدَع والمخالفات فصاروا يقيمُونَ للمولد النبوىّ وغيره حَفْلاَ جامِعاً سنويًّا يشتملُ على كَثِيرٍ من أَنواع المفاسِد والمنكراتِ الفظِيعة، والبِدَع الذَّمِيمَة، والخرافاتِ الشائِنة، والضَّلال البعيد، ظنًّا منهم أَنَّهَا مِنَ الدَّين منها برَاءٌ.

(أَلِفَ) الناس هذه العادات القَبِيحَةَ فخافَظُوا عليها وعَضُّوا عليها بالنواجذ، حتى شَقَ على نفوسهم ترْكها والتَّحَلُّل منها كأَنَّهَا منْ هَدْى الرسول الأَعظم صلى الله عليه وسلم، ولم يذكُرَوا قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا تجْعَلُوا بيُوتكُم قُبُوراً، ولا تجعلوا قبرى عِيداً، وصَلُّوا علىَ أَيْنَمَا كُنْتُم، فإِنَّ صلاتكُم تبلغى حيثُ كُنْتُم. أَخرجه. أَحمد وأبو داود بسند حسن عن أَبى هريرة (١) {٧٨}.

(والأحاديث) فى هذا كثيرة تقَدّم بعضُها وبيان المفاسِد والمنكراتِ التى تقع فى الاحتفال بالمولد فى المساجد وغيرها، ولذا اتفق العلماءُ على إِنكارها (٢).

(والذى) يؤسَفُ له أَشَدَّ الأَسف أَنَّ الحكومة وهى حكومة إِسلامية ظاهرت أَرباب الطرق وأَذنتْ لهم فى إِقامة تلك الحفلات الشائنة التى يعمّ فيها الفساد وينتشِرُ الضَّلآل، وعاونَتْهُم على نَشْر بُهْتَانِهِم، ورضِيَتْ إِفكَهُمْ وباطِلَهُمْ، بل شاركتهم فيه بإِقامةِ سرادقاتٍ للوزارات فى ساحة


(١) تقدم رقم ٤٠٤ ص ٢٨٥ ج ٣ دين. وانظر بحث (الاحتفال بالموالد) ص ٣٨٤ منه.
(٢) تقدم رقم ٤٠٤ ص ٢٨٥ ج ٣ دين. وانظر بحث (الاحتفال بالموالد) ص ٣٨٤ منه.