للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُمر رضى الله عنه عن رطانة الأَعاجم وقال: إِنَّهَا خَب. فقد استَدَلَّ بنَهْى عُمر عن الرطانة مطلقاً. اهـ ملخصاً (١).

(أَما) شَمّ النَّسِيم وما أَدْرَاك ما شَمّ النَّسِيم؟ فهو عادة ابْتَدَعَها الأَقْبَاط لتعظيم يوم البشارة، وليتذكَّرُوا الحوادِث المهِمَّة التى جَرَتْ وتَجْرِى فيه.

وقد اتخذه وللأَسَف المصْرِيُّون عُمُوماً حُكُومةً وشَعْباً (إِلاَّ مَنْ عَصِمَهُ الله) عِيداً وشِعَراً قوميًّا، تُعَطَّلُ فيه مصالح الحكُومة والمدارس والمعاهد، ويُقْفَل كَثِيرٌ من المحالّ التِّجارية فيه والصِّناعية، وتُفْتَحُ أَبوابُ الحاناتِ ودور الملاهى والفُسُوق، ويُرْتكَبُ فيه ما يُرْتكَبُ مَّما يزْرِى بالفَضِيلة، وتأْبَاهُ المرُوءَة، ويَأْبَاهُ الذوق السَّليم، ويَغْضَبُ له الحليم. يخرج كَثِيرٌ من سُكَّان المدُنِ والقُرَى إِلى المتنَزَّهات الوَاسِعَة، والحدائق النَّضِرَة، فَتَرَى الطرقات قد ثَارَ غُبَارُها وعَلآ ضَجِيج المارة بها، ومنهم السَّفَلَة (٢) الفَسِدُو الأَخْلاَق، يفُوهُون بما تَمُجُّه الأَسماع، وتَأْنَفُ منه الطِّبَاع، وتَأْبَاهُ الكرَامة. وترَى السَّيَّارات والقُطُر قد مُلِئَتْ بأْنَاسٍ تَبَايَنَتْ أَخْلآقُهم، واخْتَلَفَتْ أَحْوَالُهُم، يَمُوجُ بعضُهم فى بعض بين شِيبٍ وشُبَّان، ونِسَاءٍ وَوِلْدَان، جَلِسينَ وواقِفِينَ ومُسْتَمسِكِين بقوائم المركَّبات، والجميع يَئِنُّ من هَوْل الزِّحام.

وترَى السُّفُن صَغِيرة وكَبِيرة تَجْرِى فى النِّيل مملوءَةً بالشُّبَّان والكُهُول والنِّساءِ مختلطاتٍ بأَهْل الفُسُوق يَفْسُقُون ويَفْجُرُون، وَيُفْرِطون فى الشَّهَوَات واللَّذَّات، وتَنَوُل المسْكِرَات، ويُهْمِلُون الطَّاعَات كأَنَّ هذا الْيَوْمَ قد أُبِيحَتْ لهم فيه الخبائِث، ورُفِعَتْ فيه عنهم التَّكَالِيف وكَثِيراً ما يَقَعُ فى هذا اليوم من مُنْذِرَاتِ الإِغراقِ والإِحراقِ والصَّدَمات


(١) من صفحة ٩٥ إلى ٩٧ اقتضاء الصراط المستقيم. و (الخبء) بفتح الخاء وكسرها: الخداع.
(٢) يقال للأراذل سفلة بفتح فكسر، ويجوز التخفيف فيقال سفلة بكسر فسكون.