للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقالت) الحنفية والمالكية: تُسَنُّ صلاةُ الخُسوفِ ركْعَتَيْن جَهْرًا فرادَى فى المنازل بركُوع واحدٍ فى كُلِّ ركعة كبقيةِ النوافل. وتُكَرَّر حتى يَنْجَلى القَمَر أَوْ يَغِيب أَوْ يطلع الفجر (فقد) خَسَف القَمَر فى عَهْدِهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم مِرَاراً ولم يُنْقَل إِلينا من طريق صحيح أَنه جمع النَّاس لها. فَيُصَلِّى وتضَرَّع كل وحده (قال) الشَّيْخ إِبراهم الحلبى: ولا جماعة فى خُسُوف القمر للحَرَج فيها، وكذا فى كُلِّ أَمْرٍ مُفْزع كالرِّيح والظُّلمة الشديدتين والزّلْزَلة واستمرار المطَرَ والثَّلْج ونحو ذلك، للحَرَج فى الاجتماع فى جميع ذلك (١).

(وقال) البدر العينى: لم ينف أَبو حنيفة الجماعة فى خُسُوفِ القمر، وإِنما قال الجماعة فيه سنة بل هى جائزة. وذلك لتعَذّثر اجتماع الناس من أَطرافِ البلد بالليل، وكيف وقد وَرَدَ قوله صلى الله عليه وسلم: أَفْضَلُ صلاةِ المرءِ فى بَيْتِه إِلاَّ المكْتُوبة (٢)، وقال مالك: لم يبلغنا ولا أَهل بلدنا أَنه صلى الله عليه وسلم جمع لِكُسُوفِ القمر، ول نقل عن أَحَدٍ من الأَثمة بعده أَنه جمع فيه (٣).

(وهذا) الخلاف سببه الاختلاف فى الأَمر بالصلآةِ عند الكُسُوف الواردة فى أَحاديث الباب. فمن فهم منه مَعْنًى واحدًا فى كُسُوفِ الشمس وخُسُوفِ القمر كالشافعية والحنبيلة، جعل صلاة خُسُوفِ القمر كصلاةِ كُسُوفِ الشمس. ومن فهم أَنَّ فى الأَمر اختلافاً قال: المفهوم من


(١) ص ٤٢٧ غنية المتملى (تتمات من النوافل).
(٢) أخرجه أحمد والخمسة عن زيد بن ثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الصلاة صلاة المرء .. إلخ. وأخرجه الثلاثة بلفظ: صلاة المرء فى بيته أفضل من صلاته فى مسجدى هذا إلا المكتوبة. وحسنة الترمذى وصححه السيوطى. انظر رقم ٤٤٧ ص ٣١٠ ج ٢ دين (مكان صلاة التطوع) (٤١١).
(٣) ص ٦٦ ج ٧ عمدة القارى (الصلاة فى سوف القمر).