للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ثم وقعت) المواظبة عليه في خلافةِ عُمر ووافَقَهُ عامَّة الصحابة رضي الله تعالى عنهم (قال) عبد الرحمن بن عَبْدٍ القاريّ: خرجتُ مع عُمَر ابن الخطاب ليلةً في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاعٌ متفرقون، يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط. فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قاريء واحدٍ لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب. ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاةِ قارئِهم. فقال عمر: نِعْمَت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله. أخرجه مالك والبخاري والبيهقي وعبد الرازق (١) {٣٠}.

(وهو) صريح في أن الصلاة آخر الليل أفضل من أوله. وأراد عمر رضي الله عنه بالبدعة الأمر البديع الجميل، وهو احياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وهي صلاة التراويح جماعةً على قاريءٍ واحدٍ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وتركه خشية الافتراض، لا البدعة في العبادة؛ لأن كل بدعة فيها ضلالة "لقوله" صلى الله عليه وسلم: وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار (٢) خلافاً لما يزعمه بعض المجازفين الجاهلين من أن البدعة في العبادة قد تكون مستحسنة، ويستدلون على زعمهم بقول سيدنا عمر رضي الله عنه: نعمت البدعة هذه. وكيف يتوهم من عنده أدنى إلمام بشيء من أحكام الدين وأحوال الصحابة رضي الله عنهم أن العبادة يدخلها شيءٌ من البدع، او يقول أحد الصحابة بحسنها


(١) ص ٢١٤ ج ١ زرقاني الموطأ (قيام رمضان) وص ١٧٩ ج ٤ فح الباري (صلاة التراويح) وص ٤٩٣ ج ٢ سنن البيهقي (قيام رمضان).
(٢) هو بعض حديث، أخرجه مسلم وغيره، تقدم تاماً رقم ١٣٥ ص ٨٨ ج ٢ دين (بدع الاذان) ورقم ١٩٤ ص ٢٠٢ ج ٤ دين طبعة ثانية (سنن الخطبة).