للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فقد دلَّت) هذه الأحاديث على أَنَّ عدَم خُرُوجِه صلى الله عليه وسلم إليهم، إنما كان لخَشْيَة افتراض قيام رمضان. وليس في عَدَم خُروجه دلالةً على المنْع من إِقامة التراويح في المسجد جماعةً (فقد) فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم وأَقَرَّ أَصحابه عليه. وإِنما تركه لمعنى قد أَمِن بوفاتِه صلى الله عليه وسلم، وهو خَشْية الافتراض.

(ولهذا) قال الجمهور ومنهم الحنفيون والشافعي وأَحمد وبعض المالكية: الأفْضَل صلاةُ التراويح جماعةً في المسجد. وروي عن عليّ، وابن مسعود وأُبيّ بن كَعْب وغيرهم (قال) زيد بن وَهْب: كان عبد الله ابن مسعودٍ يُصَلِّي بنا في شهر رمضان فننصَرِف بِليل. أخرجه الطبراني في الكبير بسَنَدٍ رجاله رجال الصَّحيح (١) {٣٦}.

(وقد) أمَرَ به عُمَر رضي الله عنه واسْتَمَرَّ عليه عملُ الصَّحابة وسائر المسلمين، وصَارَ مِنَ الشَّعَائر الظاهرة كصلاةِ العِيد (قال) ابن عبد البر: وهذا كُله يدل على أنَّ قيام رمضان جائز أنْ يُضافَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم لِحَضِّه عليه وعمله به، وأنَّ عُمَر إنما سنَّ منه ما قَدْ سَنَّهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ.

(والمشهور) عن مالك وأبي يوسف وبعض الشافعية أنَّ الأفضل صلاتها فُرَادَى في البيت إِنْ لم تُعَطَّل المساجد، لما تَقَدَّم عن زيد بن ثابت أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: صلاةُ المرْءِ في بَيْتِه أَفْضَلُ من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة. أخرجه أحمد والثلاثة (٢) {١٨٨}،


(١) ص ١٧٢ ج ٣ مجمع الزوائد (قيام رمضان).
(٢) تقدم رقم ١٤١ هامش ٢ ص ١٢٥ (سبب الخلاف في سنية الجماعة في صلاة الخسوف).