للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأنه صلى الله عليه وسلم وَاظَبَ على صلاتها فرادى في بيته ولم يخرج إلا بعض ليالٍ لبيان الجواز. وتوفي والأمر على ذلك. ثم كانَ كَذلِكَ في خلافةِ أبي بكر وصدراً من خلافةِ عُمَر. وإنما وَقَعَ التغيير في خلافته سنة أربع عشرة من الهجرة (واعترف) عُمَر بأَنَّ صَلاتها في المسجد جماعة مفضُولة، لما تقَدَّم عن عبد الرحمن بن عَبْدٍ القاريّ من قول عُمَر: والتي ينامون عنها أفضل مِنَ التي يقومون. أخرجه البخاري وغيره (١).

(وعن) زيد بن ثابت: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرةً في المسجد مِنْ حصيرٍ فَصَلَّى صلى الله عليه وسلم فيها ليَالي حتى اجتمع إليه الناس، ثم فَقَدُوا صَوْتَهُ ليلةً فظَنُّوا أَنه قد نامَ، فَجَعَلَ بعضُهم يتنحنحُ ليخرج إليهم، فقال: ما زال بِكُم الذي رأيتُ من صَنِيعكم حتى خشيتُ أَنْ يُكْتَبَ عليكُم، ولو كُتِبَ عليكُم ما قُمتم به، فَصَلُّوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرءِ في بيته إلا الصلاة المكتوبة. أخرجه أحمد والشيخان والنسائي (٢) {١٨٩}.

(وحكى) هذا القول الطحاوي عن ابن عمر وإبراهيم النخعي وعروة وسعيد بن جبير والقاسم وسالم ونافع وغيرهم وقال: فهؤلاءِ كلُّهم يفضل صلاته وحده في شهر رمضان على صلاتِه مع الإمام. وذلك هو الصواب. اهـ. (وأَجَاب) الجمهور:

(أ) بأن حديث أفضلية صلاةِ النافِلة في البيت، مخصوصٌ بغير ما شرعت فيه الجماعة من النَّوافِل كالعِيد والتراويح. فقد صَلاَّها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في المسجد جماعة، وأَقَرّ الصَّحابة على ذلك كما تقَدَّم.


(١) تقدم بالأثر رقم ٣٠ ص ١٥٧ (قال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قاريء واحد).
(٢) ص ١٨٢ ج ٥ مسند احمد، وص ١٤٦ ج ٢ فتح الباري (صلاة الليل) وص ٦٩ ج ٦ نووي مسلم (صلاة النافلة في البيت) وص ٢٣٧ ج ١ مجتبي (قيام الليل).