فاستصحبته، فانطلقنا إلى عائشة، فاستأذنا فدخلنا، فقالت: من هذا؟ قال: حكيم بن أفلح. فقالت: من هذا معك؟ قلت: سعد ابن هشام. قالت: ومن هشام؟ قلت: ابن عامر. قالت: نعم المرء كان عامر أصيب يوم أحد. قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن. ففهممت أن أقوم فبدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم المؤمنين. قالت: ألست تقرأ يأيها المزمل؟ قلت: بلى. قالت: فإن الله تعالى افترض القيام في أوله هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم. وأمسك الله خاتمتها اثنى عشر شهراً في السماء، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعاً بعد أن كان فريضة (الحديث) أخرجه البيهقي، ونحوه لمسلم (١){١٩٤}.
(وبهذا) قال الجمهور (وقال) مالك: لم يزل قيام الليل فرضاً في حق النبي صلى الله عليه وسلم. وروي عن ابن عباس والشافعي لظاهر قوله تعالى:"ومن الليل فتهجد به نافلةً لك" أَىْ فريضةً زائدةً على الصَّلواتِ الخم خاصَّةً بِكَ دُونَ أُمَّتِكَ.
" ولا يُقَال " إِن الخطاب لَهُ صلى الله عليه ولم خطاب لأُمَّتِه، لأَنَّ محل هذا ما لم يَقُمْ دَلِيلٌ على الخصُوصية كما هنا. فإِن قوله:" نافِلةً لك " بعد قوله: " فَتَهَجَّد " دَلِيلٌ على أَنَّ الخطاب خاص به صلى الله عليه وسلم دون أُمَّتِه (قال) ابن عباس: " ومِنَ الليل فَتَهَجَّدْ به نافلة لك "
(١) ص ٤٩٩ ج ٢ سنن البيهقي، وص ٢٥ ج ٦ نووي مسلم (صلاة الليل والوتر).