"وأما" ما قاله بعض المفسرين من أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على بيت زيد وهو غائب، فرأى زينب فاستحسنها، فقال: سبحان مقلب القلوب. فسمعت التسبيحة، فنقلتها إلى زيد، فوقع في قلبه أن يطلقها .. الخ ما زعموا "فهو" باطل لا يعول عليه. (قال) الإمام ابن العربي: (فأما قولهم) إن النبي صلى الله عليه وسلم رآها فوقعت في قلبه (فباطل) فإنه كان معها في كل وقت وموضع ولم يكن حينئذ حجاب، فكيف تنشأ معه وينشأ معها ويلحظها في كل ساعة ولا تقع في قلبه إلا إذا كان لها زوج وقد وهبته نفسها وكرهت غيره فلم تخطر بباله، فكيف يتجدد له هوى لم يكن؟ حاشا لذلك القلب المطهر من هذه العلاقة الفاسدة. وقد قال الله له: "ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهن زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه" آية ١٣١ سورة طه. والنساء أفتن الزهرات وأنشر الرياحين. ولم يخالف هذا في المطلقات، فكيف في المنكوحات المحبوسات. (وإنما) كان الحديث أنها لما استقرت عند زيد جاءه جبريل وقال: إن زينب زوجك ولم يكن بأسرع أن جاءه زيد يتبرأ منها، فقال له: اتق الله وأمسك عليك زوجك، فأبى زيد إلا الفراق وطلقها، وانقضت عدتها وخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على يدي مولاه زوجها، وانزل الله هذه الآيات فقال: "و" اذكر يا محمد "إذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه امسك عليك زوجك واتق الله" في فراقها "وتخفي في نفسك ما الله مبديه" يعني من نكاحك لها وهو الذي أبداه لا سواه، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى إذ أوحى إليه أنها زوجته، لابد من وجود هذا الخبر وظهوره لوجوب صدقة في خبره. وهذا يدلك على براءته من كل ما ذكره بعض المفسرين. (فإن قيل) فلأى معنى قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك زوجكم. وقد أخبره الله أنها زوجته لا زوج زيد (قلنا) هذا لا يلزم، ولكن لتطيب نفوسكم نفسر ما خطر من الإشكال فيه. وهو أنه أراد أن يختبر منه ما لم يعلمه الله به من رغبته فيها أو رغبته عنها، فأبدى له زيد من النفرة عنها والكراهية فيما ما لم يكن علمه منه في أمرها. (فإن قيل) فكيف يأمره بالتمسك بها وقد علم أن الفراق لابد منه؟ وهذا تناقض (قلنا) بل =