للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= مختاراً. فلما انقضت عدتها "زوجناكها" بلا ولي ولا عقد ولا مهر ولا شهود من البشر، خصوصية له صلى الله عليه وسلم وتشريفاً له ولها.
(قال) أنس: لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد رضي الله عنه: اذهب قاذكرها على، فانطلق زيد، قال: فلما رأيتها عظمت في صدري، فقلت: يا زينب، ابشري، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك. قالت ما أنا بصانعة شيئاً حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن. وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليها بغير إذن. ولقد رأيتنا حين دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا عليها الخبز واللحم، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم واتبعته، فجعل يتتبع حجر نسائه ويسلم عليهن ويقلن له: يا رسول الله، كيف وجدت أهلك؟ فما أدري أنا أخبرته أو غيري أن القوم قد خرجوا، فانطلق حتى دخل البيت، فذهبت أدخل معه، فألقي الستر بيني وبينه ونزل الحجاب، ووعظ القوم مما وعظوا به "يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي" (الآية). أخرجه احمد ومسلم والنسائي [٣٣١] ص ٣٣٨ ج ٣ تيسير الوصول (زينب رضي الله عنها).
(قال) العلامة الشيخ محمد عبده: هذه هي الرواية الصحيحة والقولة الراجحة. ذكر الله نبيه بما وقع منه ليزيده تثبيتاً على الحق، وليدفع عنه. ما حاك في صدور ضعاف العقول ومرضى القلوب، فقال: "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه" بالإسلام "وأنعمت عليه" بالعتق والحرية والاصطفاء بالولاية والمحبة وتزويجه بنت عمتك ووعظه- عندما كان يشكو إليك من إيذاء زوجه- بقولك "أمسك عليك زوجك واتق الله" واخشه في أمرها، فإن الطلاق يشينها وقد يؤذي قلبها، وارع حق الله في نفسك أيضاً أمره فربما لا تجد بعدها خيراً منها. تقول ذلك وأنت تعلم أن الطلاق لابد منه بما أهلمك الله أن تمتثل أمره بنفسك لتكون أسوة لمن معك ولمن يأتي بعدك. وإنما غلبك في ذلك الحياء وخشية أن يقولوا تزوج محمد مطلقة متبناه، فأنت في هذا "تخفي في نفسك ما الله مبديه" من أنها ستكون زوجك "وتخشى الناس والله" الذي أمرك بذلك كله "أحق أن تخشاه"، فكان عليك أن تمضي في الأمر من أول وهلة تعجيلاً بتنفيذ كلمته وتقرير شرعه. ثم زاد بياناً بقوله: "فلما قضي زيد منها وطراً" أي حاجة بالزواج "زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً" لترتفع الوحشة من نفوس المؤمنين ولا يجدوا في أنفسهم حرجاً من أن يتزوجوا نساء كانت من قبل زوجات لأدعيائهم "وكان أمر الله مفعولاً" اهـ. (وهذا) البيان هو اللائق بمقام النبي صلى الله عليه وسلم، والظاهر من الآيات والأحاديث الصحيحة.
(قالت) عائشة رضي الله عنها: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كأتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية: "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك" إلى قوله: "وكان أمر الله مفعولاً"، وان النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجها قالوا: تزوج حليلة ابنه، =