للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن مسعود: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الندم توبة. أخرجه أحمد وابن ماجه (١) {٣٦١}.

وهذا كله بفضل الله وتوفيقه للعبد؛ فمن أراد الله تعالى به خيراً، فتح له باب الذل والانكساء ودوام الرجوع إلى الله تعالى، ورأى عيوب نفسه وظلمها وجهلها، وشاهد فضل ربه وإحسانه.

(قال) سفيان بن عيينة: والتوبة نعمة من الله أنعم بها على هذه الأمة دون غيرها من الأمم. وكانت توبة بني إسرائيل القتل، فما أنعم


= (قال) قتادة: إجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن كل معصية فهي جهالة، عمداً كانت أو غيره. وكل من عصى الله فهو جاهل.
(وقال) الكلبي: لم يجهل انه ذنب لكنه جهل عقوبته (ثم يتوبون من قريب) أي قبل معاينة سبب الموت بقرينة قوله: حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن.

قال ابن عباس: القريب ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت. أخرجه ابن جرير وابن أبى حاتم [٥٦] ص ٢٠٤ ج ٤ جامع البيان.
(وقال) الضحاك: كل شيء قبل الموت فهو قريب، له التوبة ما بينه وبين أن يعاين ملك الموت، فإذا تاب حين ينظر إلى ملك الموت فليس له ذلك. أخرجه ابن جرير [٥٧] ص ٢٠٤ ج ٤ جامع البيان. وعد الزمن بين ارتكاب المعصية والاحتضار قريباً ولو كان سنين، لأن كل آت قريب، والعمر وان طال قليل.
(وقد) تضمنت الآية التنبيه على انه ينبغي للإنسان أن يتوقع في كل ساعة نزول الموت به. وفيها الدلالة على أن الله تعالى يقبل توبة العبد إلى ما قبل الغرغرة. وهي تردد الروح في الحلق "روي" ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر. أخرجه احمد والترمذي وحسنه. وابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب [٣٥٩] رقم ١٩٢١ ص ٣٠٦ ج ٢ فيض القدير شرح الجامع الصغير.
(وقال) رجل من ملحان يقال له أيوب: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: من تاب قبل موته بعام تيب عليه، ومن تاب قبل موته بشهر تيب عليه، ومن تاب قبل موته يجمعه تيب عليه، ومن تاب قبل موته بيوم تيب عليه، ومن تاب قبل موته بساعة تيب عليه. فقلت له: إنما قال الله: "إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب". فقال: إنما أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود الطيالسي [٣٦٠] رقم ٢٢٨٤ ص ٣٠١ مسند الطيالسي.
(١) ص ٣٧٦ ج ١ مسند احمد (مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه).