للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بشر ما كان عليه. فإذا حُضر ورأى ما أُعِدَّ له من العذاب جَزعَت نفسه فذلك حين كَره لقاء الله وكرِه الله لقاءه. أخرجه عبد بن حميد (١) {٥٥}

(٨) شكاية المريض: لا باس أن يُخبر المريض بما يجده من ألم لا على سبيل الضَّجَر والسخط مبتدئا بحمد الله بأن يقول: الحمد لله أجد كذا وكذا أو والحمد لله بى كذا وكذا من الأذى (فقد) قال ابن مسعود رضى الله عنه: إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاك. أخرجه الشيخان. {٥٦}

(وعن) هشام بن عروة عن أبيه قال: " دخلت أنا وعبدُ الله بن الزبير على أسماء بنتِ أبى بكر وأسماء وَجِعة فقال لها عبد الله: كيف تجدينك؟ قالت: وَجِعَة " (لحديث) أخرجه البخاري في الأدب المفرد {٥٧}

(وقال) القاسم بن محمد قالت عائشة: " وارأساه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاكِ لو كان وأنا حي فأستغفر لكِ وأدعو لك (لحديث) أخرجه البخاري (٢) {٥٨}

وقد اختلف العلماء في هذا. والتحقيق أن الألم لا بقدر أحد على رفعه والنفوس مجبولة على وُجُدان ذلك فلا يُسْتطاع تغييرها عما جُبلت عليه وإنما كلف العبد ألا يقع منه في حَال المصيبة ماله سبيل إلى تركه كالمبالغة في التأوه والجزع الزائد.

وأما مجرد التشكي فليس مذموما حتى يحصل التسخط للمقدور. وقد اتفقوا على كراهة شكوى العبد ربه بذكر الألم للناس على سبيل التضجر. وأما إخبار المريض صديقه أو طبيبه عن حاله فلا باس به اتفاقا (٣). والشكوى إلى الله عز وجل لا تنافى الصبرَ الجميل فإن سيدنا يعقوب وَعَدَ بالصبر الجميل والنبي إذا وعد لا يُخْلِف.

ثم قال: " إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ " (٤) وكذلك سيدنا أيوب أخبر


(١) انظر ص ٤٣ ج ٧ - الفتح الرباني.
(٢) انظر ص ٩٧ ج ١٠ فتح الباري (ما رخص للمريض أن يقول أنى وجع أو واراساه).
(٣) انظر ص ٩٦ ج ١٠ فتح الباري (ما رخص للمريض أن يقول أنى وجع).
(٤) يوسف: ٨٦