للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله تعالى عنه أنه وجده صابرا مع قوله

" أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " (١) وإنما ينافى الصبرَ شكوى الله لا الشكوى إليه كما رأى بعضهم رجلا يشكو إلى آخر فاقة وضرورة، فقال: يا هذا تشكو من يرحمك إلي من لا يرحمك؟ ثم أنشده.

وإذا عَرَاكَ بلية فاصبر لها ... صبرَ الكريمِ فإنه بك أعلم

وإذا شكوتَ إلي ابنِ آدم إنما ... تشكو الرحيم إلي الذي لا يرحمُ

هذا. وأنين المريض تارة يكون عند تبرم وتضجر فيكره. وتاره يكون عند تسخط بالمقدور فيحرُم. وتاره يكون لما ينشأ عنه من نوع استراحة بقطع النظر عن التبرم أو التضجر فيباح وتارة يكون عند ذل لرب العالمين وانكسار وخضوع مع حشم مادة العون إلا من بابه والشفاء إلا من عندِه فيندب (٢).

(٩) مرض النبي صلى الله عليه وسلم: لما كان الموت مكروها طبعا لما فيه من شدة ومشقة عظيمتين، لم يمت نبي من الأنبياء حتى خير (قال) الزهري: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صحيح يقول: إنه لم يقبض نبي قط حتى يَرَى مقعَده من الجنة ثم يُخَيَّر. فلما اشتكى وحضره القبض ورأسه على فخذ عائشة غُشِىَ عليه. فلما أفاق شَخَصَ بَصَرهُ نحو سقف البيت ن ثم قال: اللهم في الرفيق الأعلى. فقلت إذا لا يجاورنا فعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح. أخرجه مالك والشيخان والترمذى ٠ (٣) {٥٩}


(١) الأنبياء: ٨٣ وأول الآية: وأيوب إذ نادى ربه ربه أنى مسني
(٢) انظر ص ٣٩٦ ج ١ - غذاء الألباب
(٣) انظر ص ٩٧ ج ٨ فتح الباري (مرض النبي صلى الله عليه وسلم)، وص ٢٠٩ ج ١٥ نووي (فضائل عائشة) وفى البخاري (ثم يحيا أو يخير) شك من الراوي هل قال يحيا (بضم ففتح فشد الياء) أو قال يخير. وعند أحمد: ما من نبي يقبض إلا يرى الثواب ثم يخير.