للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حفظ الصحة، واستفراغ المواد الفاسدة، والحمية عن المؤذى. فذكر الله تعالى هذه الأصول في هذه المواضع الثلاثة. فقال في الصوم " وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " (١) أباح الفطر - لعذر المرذ - وللمسافر طلبا لحفظ صحته وقوته لئلا يذهبها الصوم في السفر لاجتماع شدة الحركة وما يوجبه الصوم من تحليل ما في المعدة وعدم الغذاء الذي يخلف ما تحلل فتخور القوة وتضعف. وقال في الحج: " فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ " (٢) أباح لمريض ومن به أذى من رأسه من قمل أو حكة أو غيرهما أن يحلق رأسه في الإحرام استفراغا لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشعر فإذا حلق رأسه فتحت المسام فخرجت تلك الأبخرة فهذا استفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذى انحباسه.

وما يؤذى انحباسه عشرة: الدم والمنى إذ هاجا، والبول، والغائط، والريح، والقيء، والعطاس، والنوم، والجوع، والعطس. وكل واحد من هذه يوجب حبسه داء. وقد نبه الله تعالى باستفراغ أدناها وهو البخار المحتقن في الرأس على استفراغ ما هو أصعب منه تنبيها بالأدنى على الأعلى (وأما) الحمية فقال تعالى في آية الوضوء: " وَإِن كُنتُم مَّرْضَى وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ {٦٨} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً " (٣) أباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب حمية له أن يصيبه ما يؤذيه وهو تنبيه على الحمية عن كل مؤذ من داخل أو خارج.

فقد ارشد الله تعالى عباده إلى أصول الطب الثلاثة. وسنذكر هدى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ونبين أنه أكمل هدى (٤) إن شاء الله تعالى.


(١) البقرة: ١٨٤
(٢) البقرة ١٩٦
(٣) المائدة: ٦
(٤) انظر ص ٦٣ و ٦٤ ج ٣ زاد المعاد