للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعول عليه أن التداوي لا ينافى التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش بالأكل والشرب وكذلك تجنب المهلكات والدعاء وطلب العافية ودفع المضار وغير ذلك (١)

(وأجابوا) عن حديثي ابن عباس والمغيرة بأن أهل الجاهلية كانوا يسترقون بالكلمات الخبيئة ويكتوون زاعمين أن الرقية والكي يمنعان من المرض أبدا فلذا منع منه النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أن من فعله فقد برئ من التوكل أما من تداوى أو استرقي أو اكتوى معتقدا أنها أسباب تنفع بإذن الله تعالى وأنها لا تنجع بذاتها بل بما قدر الله فهذا مطلوب لا ينافى التوكل.

ثم الكلام هنا ينحصر في ستة فصول:

(١) الطبيب: هو في الأصل الحاذق في كل شئ وخصه العرف بمن يعالج المرضى وينبغى أن يكون مسلما ثقة. ويكره لغير ضرورة طلب التداوي من ذمي لعدم الثقة بهم (أما) إذا دعت الضرورة لذلك فلا كراهة إذا كان خبيرا ثقة عند


(١) انظر ص ١٠٥ ج ١٠ فتح الباري (ما أنزل الله داء إلا انزل له شفاء) قال ابن القيم: لا يتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات مسبباتها قدرا وشرعا وتعطيلها يقدح في نفس التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله تعالى في حصول ما ينفع العبد من دينه ودنياه ودفع ما يضره فيهما، ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلا للحكمة والشرع، وقد روى أن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال: يا رب ممن الداء؟ قال منى، قال فممن الدواء؟ قال منى. قال فما بال الطبيب؟ قال رجل أرسل الدواء على يديه، وفى قوله صلى الله عليه وسلم: لكل داء دواء، تقوية لنفس المريض والطبيب وحث على طلب الدواء فإن المريض إذا استشعر أن لدائه دواء تعلق قلبه بالرجاء وترك إلباس. ومتى قويت نفسه تغلبت على المرض ودفعته. وكذلك الطبيب إذا علم أن لهذا الداء دواء بحث عنه.

وأمراض الأبدان كأمراض القلوب وما جعل الله القلب مرضا إلا جعل له شفاء بضده فإن علمه صاحب الداء واستعمله وصادف داء قلبه أبرأه بإذن الله تعالى. انظر ص ٦٧ و ٦٨ ج ٣ زاد المعاد.