للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو يشمل كل ماء (وقيل) المراد به ماء زمزم لما روى همام عن آبى جمرة الضبعى قال: " كنت أجالس ابن عباس بمكة فأخذتني الحمى فقال أبردها عنك بماء زمزم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هي الحمى من فيج جهنم فأبردوها بالماء أو قال بماء زمزم. شك همام " أخرجه البخاري (١) {١٠٢}

وقد تعلق به من قال: إن ذكر ماء زمزم ليس قيدا لشك همام فيه وتعقب بأنه روى عن عفان عن همام: " فأبردوها بماء زمزم " أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان (٢) {١٠٣}

وقال ابن القيم: ولو جزم به لكان أمرا لأهل مكة بماء زمزم إذ هو متيسر عندهم ولغيرهم بما عندهم من الماء (٣) والأمر بإطفاء الحمى بالماء البارد خاص ببعض الحميات دون بعض وببعض الأشخاص دون بعض وبأهل البلاد الحارة كأهل الحجاز إذ كان اكثر الحميات التي تعرض لهم من العرضية الحادثة عن شدة الحرارة وهذه ينفعها الماء البارد شربا واغتسالا (وكيفية) ذلك ما في حديث هشام عن فاطمة بنت المنذر أن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما كانت إذا أتيت بالمرأة قد حمت ندعو لها، أخذت الماء فصبته بينها وبين جبيها وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نبردها بالماء، أخرجه الشيخان وابن ماجه (٤) {١٠٤}

وما في حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أصاب أحدكم الحمى فإن الحمى قطعة من النار فليطفئها بالماء فليستنقع في نهر جار فليستقبل


(١) انظر ص ١٣٤ ج ١٠ فتح الباري وص ١٩٥ ج ١٤ نووي (لكل داء دواء) وص ١٨٢ ج ٢ - ابن ماجه (الحمى من فيح جهنم). و (فيح) بفتح فسكون الياء وفى رواية فوح بالواو وفى رواية فور بالواو والراء والمراد شدة حرها.
واختلف في نسبتها إلى جهنم فقيل هي حقيقة واللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم وقدر الله ظهورها بأسباب تقتضيها ليعتبر العباد بذلك كما أن أنواع الفرح واللذة من نعيم الجنة أطهرها في هذه الدار عبرة ودلالة. ويحتمل أنه من باب التشبيه.
والمعنى أن حر الحمى شبيه بحر جهنم تنبيها للنفوس على شدة حر النار وأن هذه الحرارة شبيه بفيحها وهو ما يصيب من قرب منها من حرها ٠ ويؤيد) الأول قول ابن عمر: اكشف عنا الرجز. والرجز العذاب. انظر ص ١٣٤ و ١٣٥ ج ١٠ فتح الباري (وكأن) ابن عمر فهم من كون اصل الحمى من جهنم أن من أصابته عذب بها وهذا العذاب يكون للمؤمن تكفيرا لذنوبه وزيادة في أجوره، وللكافر عقوبة وانتقاما وإنما طلب ابن عمر كشفه مع ما فيه من الثواب لمشروعية طلب العافية من الله تعالى فإنه القادر على أن يكفر سيئات عبده ويعظم ثوابه من غير أن يصيبه شئ يشق عليه. انظر ص ١٣٧ ج ١٠ فتح الباري.
(٢) انظر ص ١٨٢ ج ٢ ابن ماجه (الحمى من فيح جهنم) وكسرها بفتح فسكون فيحها
(٣) انظر ص ٢١٠ ج ٦ فتح الباري (صفة النار)
(٤) انظر ص ٢١٠ ج ٦ فتح الباري (الحمى من فيح جهنم)