للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وحديث) عاصم بن عمر عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن كان في شئ من ادويتكم خير ففي شربه عسل او شرطه محجم أو لدغة بنار وما أحب أن أكتوى " اخرجه أحمد والشيخان والنسائي (١) {١١٩}

اشتمل هذا الحديث على جملة ما يتداوى به الناس. وذلك أن الحجم يستفرغ الدم وهو أعظم الأخلاط. والحجم أنجحها شفاء عند هيجان الدم. وأما العسل فهو مسهل للأخلاط البلغمية ويدخل في المعجونات ليحفظ على تلك الأدوية قواها ويخرجها من البدن. وأما الكي فإنما يستعمل آخرا لإخراج ما يتعسر إخراجه من الفضلات وحيث يتعين زوال الداء به. وإنما كرهه لما فيه من الألم الشديد والخطر العظيم. وفى المثل: آخر الدواء الكي. وقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ وغيره واكتوى غير واحد من الصحابة (٢)


(١) انظر ص ١١٩ ج ١٠ فتح البارى (الحجم من الشقيقة والصداع) وص ١٩٢ ج ١٤ نووى (لكل داء دواء)
(٢) انظر ص ١٠٧ ج ١٠ فتح البارى (الشفاء فى ثلاثة) ولم يرد النبى صلى الله عليه وسلم الحصر فى الثلاثة فإن الشفاء قد يكون فى غيرها. وانما نبه بها على اصول العلاج. وذلك أن الأمراض الامتلائية تكون دموية وصفراوية وبلغمية وسوداوية. وشفاء الدموية بإخراج الدم بالحجم والفصد. والامتلاء الصفراوى وما ذكر معه، دواؤه المسهل، وقد نبه عليه بذكر العسل. والكى إنما يستعمل فى الخلط البلغمى الذى لا تنحسم مادته إلا به ويؤخذ من الجمع بين كراهته صلى الله عليه وسلم للكى وبين استعماله له أنه لا يترك مطلقا ولا يستعمل مطلقا، بل يستعمل عند تعيينه طريقا الى الشفاء مع اعتقاد أن الشفاء بإذن الله تعالى، وعلى هذا يحمل حديث المغيرة بن شعبة أن النبى صلى الله عليه وسلم: من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل. أخرجه أحمد وابن ماجه والنسائى والترمذى وقال حسن صحيح ابن حبان والحاكم. انظر ص ١٠٧ ج ١٠ فتح البارى (الشفاء فى ثلاثة) وص ١٨٤ ج ٢ ابن ماجه (الكى) وص ١٦٤ ج ٣ تحفة الأحوذى (كراهية الرقية) و (برئ من التوكل) محمول على من فعل ما ذكر معتمدا عليه لا على الله تعالى.