للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الصلاة شفاء لثلاث علل: (أ) أن الصلاة أمر ألهى متعبد بها فهي تدفع الأمراض بالبركة (ب) أن النفس تلهو فيها عن الألم ويقل إحساسها به فتستظهر القوة عليه فتدفعه فإن قوة الأعضاء والمعدة والحواس هو الشافية بمراض بإذن الله تعالى والماهر من الأطباء يعمل كل حيلة في تقويتها إن كانت ضعيفة وفى انتباهها إن كانت غافلة وفى إلفاتها إن كانت معرضة وفى استزادتها إن كانت مقصرة. تارة بتحريك السرور والفرح وتارة بالحياء والخوف والخجل وتارة بتذكيرها وشغلها بعظائم الأمور وعواقب المصير وأمر المعاد والصلاة تجمع ذلك أو أكثره إذ يحضر العبد فيها خوف ورجاء وأمل وتذكر الآخرة وأحوالها. وكثير من الأمراض المزمنة تشفى بالأوهام.

(جـ) أن في الصلاة أمرا طبيا وهو رياضة النفس والجسد لأنها تشتمل على قيام وركوع وسجود الورك وغير ذلك من الأوضاع آلتي تتحرك معها أكثر المفاصل وينغمر فيها أكثر الأعضاء سيما المعدة والأمعاء وسائر آلات التنفس والغذاء عند السجود. وما أنفع السجود الطويل لصاحب النزلة والزكام ولانضباب النزلة إلى الحلق وما أشد إعانته على فتح سدد المنخرين في علة الزكام وإنضاج مادته وما أقوى معاونة السجود على هضم الطعام من المعدة والأمعاء وتحريك الفضول المتخلفة فيها وإخراجها. إذ عنده تنعصر أوعية الغذاء بازدحامها وتساقط بعضها على بعض. وكثيرا ما تسر الصلاة النفس وتذهب العم والحزن وتذيب الآمال الخائبة وتكشف عن الآوهام الكاذبة ويصفو فيها الذهن وتطفأ نار الغضب (١) وتفيد الحب للخلق والتواضع للحق سبحانه وتعالى وترفق القلب وتحبب في العفو وكثيرا ما يحضر فيها الرأي والتدبير المصيب والجواب


(١) انظر ص ١٨٠ ج ٢ سندى ابن ماجه.