للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من فساد الهواء لعم الإنسان والحيوان والمشاهد أنه يصيب الكثير دون من بجانبهم مما هو في مثل مزاجهم. فلو كان كذلك لعم جميع البدن وهذا يختص بموضع منه. ولأن فساد الهواء يقتضي تغير الأخلاط وكثرة الأسقام. وهذا في الغالب يقتل بلا مرض. فدل على أنه من طعن الجن وقد دل على ذلك أحاديث (منها) حديث آبى موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فناء أمتي بالطعن والطاعون. قيل: يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال: وخز أعدائكم من الجن وفى كل شهادة. أخرجه أحمد من طريق زياد بن علاقة عن رجل عن آبى موسى. وأخرجه البزار والطبرانى من وجهين آخرين سميا فيهما المبهم يزيد بن الحارث. والحديث صحيح. صححه ابن خزيمة والحاكم (١) {٢٣٩}

وهو رحمة وشهادة للمؤمن الصابر المقيم بمكانة موقنا بأنه لن يصيبه إلا ما قدر له. ورجز على الكافر (قالت) عائشة: سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فقال: إنه كان عذابا ببعثه الله على من يشاء وإن الله جعله رحمة للمؤمنين فليس من عبد يقع في الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد. أخرجه أحمد والبخاري، وأبو داود الطيالسى (٢). {٢٤٠}

ومفهومه يقتضي أن من اتصف بالصفات المذكورة ووقع به الطاعون، ثم لم يمت منه أنه يحصل له ثواب الشهيد (ويؤيده) حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن اكثر شهداء أمتي لصحاب الفرش ورب قتيل


(١) انظر ص ١٣٩ ج ١٠ فتح البارى (ما يذكر فى الطاعون) و (علاقة) بكسر المهملة وفتح اللام مجففة.
(٢) انظر ص ١٤٩ ج ١٠ فتح البارى (أجر الصابر على الطاعون).