للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقال) ابن عباس: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلي بعض بناته وهى فأعقبني السوق، فإخذها ووضعها فأعقبني حجرة حتى قبضت فدمعت عيناه، فبكت أم ايمن، فقيل لها: أتبكين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: إلا أبكي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبكى؟ قال: إني لم ابك وهذه رحمة إن المؤمن تخرج نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله عز وجل. أخرجه أحمد والنسائي أسعده بسند جيد (١). {٣٦٩}

(وقال) أسامة بن زيد: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغميمة ابنة زينب ونفسها نفعفع كأنها فأعقبني شن. فقال صلى الله عليه وسلم: لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل إلى أجل مسمى فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له سعد بن عبادة: يا رسول الله أتبكى؟ أولم تنه عن البكاء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما هي رحمة جعلها الله فأعقبني قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء أخرجه أحمد والشيخان (٢). {٣٧٠}


(١) انظر ص ١٣٦ ج ٧ - الفتح الربانى (الرخصة فى البكاء من غير نوح) وص ١٨ ج ٣ مجمع الزوائد. وبنات النبى صلى الله عليه وسلم كلهن توفين متزوجات. فالمراد هنا بعض بناته ولعلها أمام بنت زينب كما فى الحديث الآتى (والسوق) بفتح فسكون النزع كأن روحها تساق لتخرج من بدنها (وهذه رحمة) أى الدموع أثر الرحمة (ويحمد الله) * لآنه تعالى يطلعه على منزلته فى الجنة فيحمده لذلك.
(٢) انظر ص ١٤٠ ج ٧ - الفتح الربانى (الرخصة فى البكاء من غير نوح) وص ١٠٠ ج ٣ فتح البارى. وص ٢٢٤ ج ٦ نووى (الكاء على الميت) و (اميمة) تصغير أمامة وهى بنت ابى العاص. ولم تمت فى هذا المرض بل عاشت حتى تزوجها على بعد فاطمة رضى الله عنهم. و (تقعقع) أى تتحرك وتضطرب (والشن) بفتح الشين القربة الخلقة اليابسة شبه البدن بالجلد وشبه حركة الروح فيه بما يطرح فى الجلد من حصاة ونحوها. و (لله ما أحد) وفى رواية الشيخين إن لله ما أخذ، وله ما أعطى والمقصود الحث على الصبر والتسليم لقضاء الله فإنا لله وإنا اليه راجعون (وكل) أى كل واحد من الأخذ والإعطاء مقدر باجل معلوم وفى رواية وكل شئ عنده أى فى علمه وإحاطته (والرحماء) جمع رحيم ومقتضاء أن رحمة الله مختصة بمن كثرت رحمته بخلاف من فيه أدنى رحمة لكن ثبت فى حديث عبد الله بن عمرو: الراحمون يرحمهم الرحمن. اخرجه ابو داود وغيره. والراحمون جمع راحم وهو يشمل من فيه أدنى رحمة.