(ولما) رجع الزبير رجع الناس وهم لا يشكون في الصلح وباتوا بأهنإ ليلة وبات الدخلاء باسوا حال فاما كان الغلس قاموا من غير أن يشعر بهم أحد واعملوا السلاح وثار كل قوم في وجوه أصحابهم فسال طلحة والزبير عن الخبر فقيل له ما شعرنا إلا وقوم منهم يعملون فينا السلاح. فقال: قد علمت أن طلحة والزبير غير منتهيين حتى يسفكا الدماء ونادى في الناس أن كفوا واخرجوا أم المؤمنين في هودجها لعل الله يصلح بها فجعلت تنادى البقية البقية يا بنى اذكروا الله والحساب. والغوغاء يرمون الهودج ولا يأبون إلا إقداما واشتدت حمية اهل البصرة لحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن محيص من القتال فاقتتلوا وترك الزبير القوم ورجع فتتبعه عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو يصلى بوادي السباع. وقد امسك بخطام الجمل كثير من أرباب الشجاعة والنجدة فقتل دونه السبعين من قريش وغيرهم واشتد أهل الكوفة على الجمل لانهم رأوا ان البصريين لا ينهزمون ما دام واقفا فرماه كثير منهم وكل من رماه قتل ثم عقروا الجمل وتفرقواعنه وحمل الهودج وهو مثل القنفذ من كثرة السهام وظهرت أثار الكدر على أمير المؤمنين من هذا الحادث الذى لم يكن فيه لاحد مأرب وأمر بحمل الهودج من بين القتلى وقال لمحمد بن أبى بكر انظر هل وصل على أم المؤمنين شئ من الجراحة؟ فوجدها بحمد الله سليمة لم تصب بشيء ثم جاءها على فقال: كيف أنت يا أمة؟ قالت بخير يغفر الله لك قالولك. وامر رضى الله عنه بدفن القتلى بعد ان صلى على الفريقين ثم طاف عليهم فاما =