للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما بعد الدفن، والجواز على ما قبله ليتعظ به من يسمعه (١). (وقال) أبو السود الدولي: أتيت المدينة وقد وقع فيها مرض - فهم يموتون موتا ذريعا - فجلست إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فمرت به جنازة فاثنى على صاحبها خير، فقال عمر: وجبت. ثم مر بأخرى فأثنى على صاحبها خير، فقال عمر: وجبت ثم مر بالثالثة فأثني عليها شر، فقال عمر: وجبت. فقال أبو الأسود: ما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة. فقلنا: وثلاثة؟ فقال: وثلاثة. قلنا: واثنان؟ قال: واثنان. ثم لم نسأله عن الواحد ". أخرجه أحمد والبخاري والنسائي والبيهقى والترمذى وقال: حسن صحيح (٢). {٥٨٧}

ففي هذه الأحاديث تزكية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأن لشهادة المؤمنين مدخلا في نفع المشهود له وضرر المشهود عليه. وللعلماء في ذلك قولان: (أ) أن هذا الثناء بالخير من أهل الفضل خاص بمن كان ثناؤهم مطابقا لفعاله فيكون من أهل الجنة، فإن لم يكن كذلك فليس هو مرادا بالحديث.


(١) انظر ص ١٦٦ ج ٣ فتح البارى (ما ينهى من سب الأموات)
(٢) انظر ص ٤٣ ج ٨ - الفتح الربانى (ثناء الناس على الميت) وص ١٤٩ ج ٣ فتح البارى. وص ٢٧٣ ج ١ مجتبى (الثناء) وص ٧٥ ج ٤ بيهقى. وص ١٥٨ ج ٢ تحفة الأحوذى (الثناء الحسن على الميت) و (ابو الأسود) اسمه ظالم بن عمرو بن سفيان. و (خير) بالرفع نائب فاعل أثنى وهو المختار. وفى اصول البخارى. خيرا وشرا بالنصب. ووجهه بعضهم بأن الجار والمجرور اقيم مقام الفاعل وخيرا مقام المفعول وهو جائز وإن كان المشهور عكسه. وقال النووى: منصوب بنزع الخافض أى أثنى عليه بخير. وقول عمر لكل منهما وجبت قاله بناء على اعتقاده صدق الوعد المستفاد من قوله صلى اله عليه وسلم: أدخله الله الجنة. أما اقتصار عمر على ذكر من شهد له بالخير فهو للاختصار. وعرف من القصة أن المثنى على كل من الجنائز المذكورة كان أكثر من واحد. أنظر ص ١٤٩ ج ٣ فتح البارى.